إسحق قومي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

على حدود زمن...بقلم الأديبة ناديا خلوف

اذهب الى الأسفل

على حدود زمن...بقلم الأديبة ناديا خلوف Empty على حدود زمن...بقلم الأديبة ناديا خلوف

مُساهمة من طرف اسحق قومي الأربعاء يناير 20, 2010 1:38 pm

على حدود زمن

ناديا خلوف
إنها رحلتي المقبلة . نسيت إلى أين . أعرف فقط أنني حجزت تذكرة لها . وضعتها بين أشيائي . سأبحث عنها فيما بعد . أتيت قبل الموعد . أنا متعجلة في أموري دائماً كم هو صعب ذلك الانتظار ! قضيت جزءاً كبيراً من عمري أتعجل ، ثم أنتظر . حتى اعتقدت أن عنواني قد كان الطريق ، ورقم بطاقتي رقم حافلة سفر . يقتلني الصبر على الانتظار ، بيد أنني كنت أعرف وجهتي . فقط اليوم نسيت أين أنا ذاهبة ؟ . لا بأس فالوجهة في تذكرتي . لابد الآن أن أستريح في ظل شجرة قرب الطريق . ستكون الشجرة لي رفيق مؤقت ريثما يحل موعد السفر . جلست تحت ظل نخلة . رأيت قطرة ماء تنزل على يدي . نظرت إليها – أعني النخلة – قالت : أنها تبكي .
سألتها : إذا كانت الأشجار تبكي ، فلماذا ؟
قالت : لدي روح تتعاطف مع الأرواح التائهة . تتخاطر معها في ساعات غفلتها . ثم تأويها إلى ظل جسدها وأغصانها . أحسست بألمك يا هذه . بكيت نيابة عنك لأنك لا تشعرين به بعد أن اعتدت عليه .
- هو قلق الانتظار فقط .
- لا . كانت روحي تسمعك وأنت تتحدثين عن الماضي ، وتصرخين به بلغة صامتة . تلومينه وتعتبرين أنه مسؤول عن حاضرك وعن قسوة انتظارك .
- نعم . نعم . أنا دائماً هكذا أيتها الشجرة . متعجلة . مجتهدة . أنتظر العدل . لكن يخطفه أحد ما مني في غفلة .
- اجلسي . سنتبادل أطراف الحديث .
- وأشيائي !
لا تلزمك . اتركيها للريح .
- هويتي . بطاقة سفري .
- انسيهما . ماذا تلزمك الهوية ، وأنت دائمة الرحيل ؟ يمكنك الانضمام إلى فريق غجر لا يحمل هوية ، ولا بطاقة سفر . قد تسعدك رفقتهم . .
- لا . لا . لن أتخلى عن أشيائي .
- حسناً إذن استريحي قرب جذعي ريثما ترحلين .
بدأت الشجرة تغط في نوم عميق . أنا أسمع أنفاسها . أشعر بالنعاس مثلها . لكنني أرى الحافلة تمر . يا إلهي ! أحدهم يأخذ أشيائي . الحافلة ترحل . أركض . أصرخ :قفي أيتها الحافلة . يعود الصدى .
أعود متكاسلة أجلس قربها . أسند رأسي إلى جذعها تتململ قليلاً ثم تبدأ بالنهوض فقد حل الصباح . لابد أن تستحم . ولا بد للطيور أن تبدأ روتينها اليومي هنا . في موطنها الشجرة ، وفضاء الأشجار الجميل . الحياة هنا تبدأ ودائماً في الصباح . مع أنني مازلت أنتظر أن تبدأ الحياة هناك .
قلت : فاتتني الرحلة . أريد أن أسميك اسماً آخر كي لا يسخر مني أحد عندما أقول: تحدثت إلى شجرة .
- ولماذا يسخرون ؟ ألستُ كائناً حياً مثلهم . لكن لا بأس . أنا لي اسم ، واسمي هو : تامار .
شكراً يا تامار على اهتمامك بي . آخر ما توقعته أن يأتي الاهتمام الذي انتظرته طويلاً من شجرة ! دائماً كانت نظرات الناس تراقبني . إن سألت يا تامار من هم هؤلاء الناس ؟ أقل لك . أهلي . جيراني . أحبتي . أبكوني كثيراً . ثم بكيت عليهم تركتهم ، وأنا أبكيهم . أحزن عليهم . فقد كانت هذه هي طريقتهم في الحب . أن يسجنوني داخل عالمهم . فررت منهم ، لكنهم ينتظرون أن يصيبني الضيم مرة أخرى ، لأعود وأقول لهم : كنتم على صواب . لا . بل أنتم دائماً لا تخطئون الحكم . مكانكم هو أفضل مكان في العالم . سعادتي معكم كنت أجهلها . أما أنا فقد اخترت الحرية ولن أتراجع . لكنني خائفة يا تامار . خوف يتخلله سلام لم أشعر به من قبل .
قالت : إن روحك ترغب أن تصعد إلى روحي لتعانقها . اتركيها تعلو . ودعي جسدك متكئاً علي . سنصبح صديقتان إلى الأبد .
نظرت إلى الأسفل . رأيت نخلة طفلة تلبس جسدي . تعانقت روحينا- أنا والنخلة - بينما تامار الصغيرة تنظر إلينا .
نادية خلوف.
الإمارات العربية
اسحق قومي
اسحق قومي
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 835
العمر : 74
الموقع : https://alkomi.yoo7.com/profile.forum
العمل/الترفيه : معاقرة الشعر والأدب والتاريخ والإعلام والسياسة
المزاج : حسب الحالة
تاريخ التسجيل : 13/06/2008

https://alkomi.yoo7.com/profile.forum

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى