بابلو نيرودا الشاعر التشيلي...نقلاً
صفحة 1 من اصل 1
بابلو نيرودا الشاعر التشيلي...نقلاً
الشاعر التشيلي بابلو نيرودا...
بابلو نيرودا هو شاعر تشيلي اسمه الحقيقي نفتالي ريكاردو رييز ولد في الثاني عشر من شهر
يوليو عام 1904 في قرية بارال بوسط شيلي كانت والدته روزا نفتالي تعمل بمهنة التدريس أما والده
جوزيه ديل كارمن فكان عاملا في سكك الحديد توفيت والدته في نهاية شهر أغسطس من نفس العام
أي قبل أن يكمل الرضيع شهره الثاني نتيجة إصابتها بالدرن, وبعد عامين تزوج والده من' ترينيداد كانديا'
التي وصفها بابلو بأنها الملاك الحامي لطفولته.. كتب بابلو نيرودا قصائد عندما كان في العشرين من
العمر قُدر لها أن تنتشر أولا في أنحاء تشيلي ولتنتقل بعدها إلى كافة أرجاء العالم لتجعل منه الشاعر
الأكثر شهرة في القرن العشرين من أمريكا اللاتينية. من أشهر مجاميعه هي عشرون قصيدة حب
وأغنية يائسة" التي ترجمت أكثر من مرة إلى اللغة العربية. " في هذه الليلة, أنا قادر على كتابة أكثر
القصائد حزناً" كتب سيرته الذاتية بعنوان" أشهد أنني قد عشت" وترجمت إلى العربية منذ السبعينات
من القرن الماضي. عندما أطاح الجنرال بينوشيه بالحكومة الإشتراكية المنتخبة ديمقراطياً وقتلوا الرئيس
سلفادور أليندي, هجم الجنود على بيت الشاعر وعندما سألهم ماذا يريدون أجابوه بأنهم يبحثون عن
السلاح فأجابهم الشاعر أن الشعر هو سلاحه الوحيد.
بدأت إبداعاته الشعرية في الظهور قبل أن يكمل بابلو عامه الخامس عشر وتحديدا عام1917 وفي
عام1920 اختار لنفسه اسما جديدا هو بابلو نيرودا في مارس عام1921 قرر السفر إلي سانتياجو
حيث استقر هناك في بيت الطلبة لاستكمال دراسته في اللغة الفرنسية التي كان يجيدها مثل أهلها
وفي نفس هذا العام اشترك نيرودا في المظاهرت الثورية التي اندلعت في البلاد آنذاك وفي عام1924
يهجر نيرودا دراسة اللغة الفرنسية ويتخصص في الأدب ويكتب ثلاثة أعمال تجريبية وذلك قبل أن يبدأ
رحلة تعيينه سفيرا في العديد من البلدان تنتهي بكونه سفيرا في الأرجنتين عام1933 أي بعد زواجه
من الهولندية الجميلة' ماريكا' بثلاث سنوات والتي انتهي زواجه منها بإنجاب طفلته مارفا مارينا التي
ولدت في مدريد في الرابع من أكتوبر عام1934 وفي نفس العام وتحديدا بعد شهرين تزوج نيرودا من
زوجته الثانية ديليا ديل كاريل الأرجنتينية الشيوعية والتي تكبره بعشرين عاما ورغم كونه قد عمل سفيرا
في العديد من الدول الأوروبية إلا أن ذلك لم يزده سوي إصرارا علي أن الشيوعية- التي اندلعت شرارتها
في روسيا- ليست سوي المنقذ الحقيقي والحل السحري لكل المشكلات ورغم المتاعب التي سببها له
هذا الاتجاه السياسي إلا أنه ظل متمسكا به إلي حد استقالته من عمله الدبلوماسي. توفي والده عام
1938 وزوجته الأولى عام 1942 ثم يأتي عام 1968 ويمرض الكاتب بمرض يقعده عن الحركة وفي21 أكتوبر
عام1971 يفوز نيرودا بجائزة نوبل في الأدب وعندما يعود إلي شيلي يستقبله الجميع باحتفال هائل في
استاد سانتياجو ويكون علي رأس الاحتفال سلفادور الليندي الذي لقي مصرعه بعد ذلك علي يد الانقلاب
الذي قاده بينوشيه. وعندما حصل قتل الانقلابيون الرئيس أليندي جاء جنود بينوشيه إلى بيت بابلو نيرودا
وعندما سألهم الشاعر ماذا يريدون قالوا له جئنا نبحث عن السلاح في بيتك فرد قائلا: إن الشعر هو سلاحي
الوحيد. وبعدها بأيام توفي نيرودافي23 سبتمبر1973 متأثرا بمرضه وبإحباطه من الانقلابيين حتى أن آخر
الجمل ولعلها آخر جملة في كتابه "أعترف أنني قد عشت" والذي يروي سيرته الذاتية(تُرجم للعربية!) هي
" لقد عادوا ليخونوا تشيلي مرة أخرى.
***
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 47
كتاب عن حياة وأعمال الشاعر التشيلي بابلو نيرودا
من بين الكتب الجديرة التي ظهرت في الاونة الأخيرة تتناول حياة وأعمال بابلو نيرودا الشاعر التشيلي، بعد أكثر من ثلاثين سنة على رحيله مع قصائده كاملة باللغة الإنكليزية، هو: " شعر بابلو نيرودا " من تحرير وتقديم Ilan Stavans. وقد تميز بابلو في عصره وكان شاعر أمريكا الجنوبية من خلال قصائد الحب والغضب – لقد كان بابلو يساريا بجدارة.
بدايات بابلو نيرودا الشعرية: قصائد الحب
يبدأ الكتاب بعرض بدايات نيرودا الشعرية. أصدر بابلو كتابين وهو في سن صغير، ولكن كتابه الثالث لم ينشر بسبب وضوح الأفكار ذات الميل الجنسي فيه وهو كتاب " Twenty Love Poems and a Song of Despair". اسم الكتاب بالعربية: " عشرون قصيدة حب وأغنية يأس " عام 1924. بعد فترة قصيرة اقتنع أحد الناشرين بأهمية نشر هذا الكتاب. وفيما يلي أنقل إلى العربية بعض أبيات هذه القصائد والأغاني كما وردت في النص الإنكليزي:
جسد المرأة، تلال بيضاء، وأفخاذ بيضاء
في جلسة استسلامك، تبدين مثل العالم.
وجسدي الريفي المتوحش يحفر في جسدك
فيخرج ولد من أعماق الأرض.
( من الأغنية 1 )
هذه القصائد والأغاني جعلته مشهورا وهو في العشرين. وبحسب النقاد لقد كتب نيرودا تحت تأثيرات شاعر المدرسة الرمزية الفرنسية رينبو Rimbaud و الشاعر الفرنسي أيضا بودلير Baudelaire، وتأثير هذا الأخير على بابلو نيرودا يبدو جليا من خلال الصور الإباحية . لو نظرنا إلى الأغنية أعلاه بعمق سوف نجد محاولة من نيرودا ان يستخدم الجنس كطريقة يتوحد بها مع الأرض، والحب كوسيلة نجاة من العزلة.
الغربة والتشاؤم في شعر نيرودا
بعد ذلك دخل بابلو عالم الأدب في "سانتياغو" وراح الناس يتعرفون عليه. وعندما عين قنصلا فخريا في "رانغون" وجد نفسه غريبا ووحيدا. هنا كانت نقطة تحول في شعرية بابلو عندما إلى الشعور الداخلي. نشر Residence on Earth 1933 أو " العيش على هذا الكوكب ". نجد في هذه القصائد الاغتراب والبعد والتشاؤم والموت. شعر بابلو في هذه الفترة اتخذ طابع الحوار الداخلي مع النفس مع بعض الفوضوية و العبثية. وهنا أصبح الجنس عنده تافها والطبيعة كتلة من الدمار، وغايات البشر تصيبه بالقرف.
أبدو متعبا لكوني من بني البشر
عندما أدخل محلات الخياطة ودور السينما
أكون مشلولا.. متحجرا
مثل إوزة تشق طريقها مبحرة في مياه الينابيع والرماد.
رائحة محلات الحلاقة تجعلني أنتحب.
أريد أن أؤجل نظري إلى الحجارة والقطن،
أريد أن أشيح نظري وألا أرى أبدا الحدائق والمؤسسات..
البضائع.. النظارات.. المصاعد.
إنني متعب: من قدمي وأظافري وشعري وظلي.
تصادف اليوم أن أكون متعبا لأنني أنتمي لبني البشر.
( من قصيدة " "Walking Around )
مع هذه القصائد انطلقت شهرة نيرودا إلى العالم خاصة الناطق باللغة الاسبانية.
نيرودا في اسبانيا يكتب الشعر السياسي
يصل الكتاب إلى مرحلة جديدة في حياة الشاعر التشيلي نيرودا. انتقل بابلو ليعيش في اسبانيا وهنا خرج من عزلته وبدأ حكاية أخرى في حياته. شاهد بابلو بداية الحرب على يد الجنرال فرانكو وفقد صديقه الشاعر فيدريكو غارسيا لوركا. هنا اتجه شعره نحو السياسة، ولأنه خرج من الهم الشخصي إلى عالم السياسية فقد كُتب عليه أن يغير نمط شعره ويبدأ الكتابة إلى الجماهير لتكون قصائده واضحة ومباشرة.
مدريد وحيدة وجليلة، شهر تموز أدهشك وفاجأ متعتك
بقرص العسل،
شوارعك ساطعة،
وحلمك ساطع،
تقيؤ مظلم للجنرالات، موجة من رجال الكهنوت انصبت بين ركبتيك
إنها مياه مستنقعاتهم.. إنها أنهار من البصاق.
( من قصيدة "Madrid, 1936" )
نيرودا يغادر تشيلي إلى المنفى على ظهر حصان
لقد غيرت اسبانيا بابلو نيرودا. في عام 1945 أعلن نفسه " محاربا شيوعيا " و انتقد شعره الشخصي القديم. وفي عام 1948 أمر الرئيس التشيلي Gonz?lez Videla بحظر الحزب الشيوعي واعتقال بابلو نيرودا.ثم اختفى نيرودا في بلاده بعيدا عن الحكومة، وراح ينتقل من بيت إلى بيت.وفي النهاية غادر تشيلي إلى المنفى على ظهر حصان حتى وصل إلى الأرجنتين.
هنا كتب بابلو نيرودا قصائد " نشيد الجنرال " Canto general عام 1950. وكانت بالفعل بداية شعرية مختلفة. إنها قصائد ملحمية يخلط فيها التاريخ مع أفكار إيديولوجية بعيدا عن الرمزية الشعرية، وتحمل هذه القصائد أجمل الأفكار وأقواها مما جعلها من أفضل ما كتب نيرودا.
تشيلي تعفو عن نيرودا وشعره يتغير من جديد
بعد ذلك أصدرت تشيلي عفوا عن نيرودا.ومع عودته تغير شعره من جديد، وتحولت الكلمات القوية التي تصور المنفى إلى كلمات تعبر عن الحياة اليومية من غرفة النوم حتى حانوت بائع التفاح. لقد كان الشاعر روبرت فروست Robert Frost يعبر عن التفكير العميق بكلمات بسيطة، وهذا لم يحدث مع نيرودا الذي ربط أفكاره البسيطة بعبارات بسيطة.وفي الخمسينات من القرن الماضي نشر نيرودا أربعة مجلدات من هذه القصائد الغنائية.
نيرودا من الرومانسية المراهقة إلى الناضجة
في أخر عشرين سنة من حياته ركز نيرودا على قصائد وجدانية عاطفية وخاصة لزوجته Matilde Urrutia. الجديد في هذه القصائد أنه طور التعبير الرومانسي الذي كتبه في بداياته الشعرية. بينما وُصف في البداية بالشاعر المراهق، مع كبر سنه راح يكتب قصائد حب ولكنها ناضجة. ومن بين هذه القصائد: The Captain's Verses عام 1952 أو شعر القبطان، One Hundred Love Sonnets عام 1959 أو مئة قصيدة حب سونيتية ( السونيتة هي قصيدة مؤلفة من 14 بيتا ). في هذه القصائد يحتفل الشاعر بحبه للأرض.
اليوم رفعَنا البحر الهائج بقبلة
إلى الأعلى حتى ارتجفنا
في ومض البرق، والتصقنا ببعضنا،
وانحدرنا لنغطس معا دون أن نبتعد عن بعضنا.
اليوم أصبحت أجسادنا ضخمة،
لقد نمَت حتى أطراف العالم
وتدحرجت تذوب ببعضها
إلى قطرة واحدة من شمعة أو نيزك.
وفُتح باب جديد بينك وبيني
وشخص ما، بلا وجه، كان ينتظرنا هناك.
( من قصيدة "September 8" in The Captain's Verses)
رحلت فكرة الأسى والعزلة من حياة نيرودا تماما، ولم يعد يكتب عن ابتعاده عن الناس عندما كان يقول نيرودا: " أشعر أنني لا أنتمي إلى هذا العالم، كما لو كنت طفل القمر ". لقد تغير وضعه من عام 1950 إلى 1960 وتزوج من امرأة أحبها. وكان نيرودا يسكن على شاطئ البحر مع زوجته الجميلة ينتظر الموت لتكتمل وحدته الزمانية والمكانية مع الطبيعة ويصبح جزءا منها. وحملت قصائده في هذه الفترة سكونا رائعا حيث جلس مع نفسه كرجل وليس كشاعر مشهور.
السرطان يدق باب شاعر الحب والعالم يمنحه جائزة نوبل
في عام 1970 أصيب بابلو بالسرطان وخضع لعمليات جراحية فشلت في إزالته بأكمله.وفي أخر ثلاث سنوات من حياته كرم العالم الشاعر المريض بابلو نيرودا و حصل على جائزة نويل للأدب Nobel Prize وأرسل سفيرا إلى باريس رغم صحته المتدهورة التي عزلته في النهاية وحيدا في فراشه. وأما الانقلاب العسكريcoup d'etat للجنرال بينوشيت Pinochet's في 11 أيلول 1973 فقد زاد في تدهور صحة بابلو وتوفي بعد 12 يوما.
وهكذا تمكن المؤلف Ilan Stavans من القيام بعمل بطولي حيث جمع معلومات كافية عن بابلو وشعره وأدبه. إنه كتاب جامع حقا. وربما كان بابلو يعتقد أن شعره شخصي جدا ولا يصل للآخرين إلا أنه بقدر ما كان شخصيا بقدر ما وصل إلى عدد أكبر من الناس حول العالم. ويمكن القول أخيرا أن شعر نيرودا تميز بالتغير الدائم والتقلب ليعطي صورة جديدة في كل مرحلة خاصة من حياته
غزليات نيرودا -الشاعر التشيلي بابلو نيرودا
أنا شعوب كثيرة وفي صوتي قوة نقية تعبر صمتكم"
بابلو نيرودا: اسمه الحقيقي نفتالي ريكاردو رييزولد في الثاني عشر من شهر يوليو عام1904 في قرية بارال بوسط شيلي كانت والدته روزا نفتالي تعمل بمهنة التدريس أما والده جوزيه ديل كارمن فكان عاملا بسيطا في السكة الحديد وإن كان نيرودا نفسه قد أشار إليه في إحدي قصائده علي أنه سائق القطار.
لم يكن عام مولد نفتالي أو بابلو كما اشتهر بعد ذلك بالعام السعيد خاصة بعد أن اختطف الموت والدته في نهاية شهر أغسطس أي قبل أن يكمل الرضيع شهره الثاني نتيجة إصابتها بالدرن, ولعل ذلك كان أحد أهم أسباب حزنه الدائم وانكسار قلبه بعد حرمانه من حنان أهم شخصية في الوجود فرغم زواج والده بعد ذلك بعامين من' ترينيداد كانديا' التي وصفها بابلو بأنها الملاك الحامي لطفولته إلا أنه ظل مفتقدا لحنان الأم.
قبل أن يكمل بابلو عامه الخامس عشر كانت إبداعاته الشعرية قد بدأت في الظهور بدأ ذلك تحديدا عام1917 عندما كتب قصيدته عيناي والتي وقع عليها باسمه الحقيقي نفتالي رييز ولكنه عام1920 اختار لنفسه اسما جديدا هو بابلو نيرودا والذي ظهر أول مرة في قصيدته التي لم تطرح في الأسواق' جزر غريبة'. في مارس عام1921 بدأ نيرودا يشعر بموهبته الشعرية لذلك قرر السفر إلي سانتياجو حيث استقر هناك في بيت الطلبة لاستكمال دراسته في اللغة الفرنسية التي كان يجيدها مثل أهلها وفي أكتوبر من نفس العام ظهرت قصيدته' أغنية العيد' والتي فازت بالجائزة الأولي في مسابقة اتحاد الطلاب والتي كانت مؤشرا لظهور ليس فقط باقي قصائده, لكن لظهور الوجه الثوري لهذا الشاعر الرومانسي الذي يبدو حالما حزينا علي طول المدي ففي نفس هذا العام اشترك نيرودا في المظاهرت الثورية التي اندلعت في البلاد آنذاك وذلك قبل أن ينتج ديوانه الثاني' الغسق' والذي اضطر من أجله لبيع بعض أثاث منزله وساعة اليد التي كان قد أهداها له والده. ونأتي لرائعة نيرودا' عشرون قصيدة حب وأغنية لليأس' والتي تعد بحق أول ديوان حقيقي له حيث ترجم إلي الإنجليزية مما جعله أكثر كتبه انتشارا في هذا الديوان نجد الحزن وانكسار القلب هما المسيطران علي روح القصيدة ولعل هذا يتضح جليا من خلال بعض هذه الأبيات الشعرية:
يلفني خصرك الضبابي
صمتك يطارد ساعاتي المعذبة
وأنت ذراعان من حجر شفاف
تعشش فيهما أشواقي الخضراء
وترسو قبلاتي
آه! صوتك الغامض يخضبه الحب
ويحنو في المساء رنانا فانيا
في قلب الزمان علي الحقول
رأيت السنابل تنحني في فم الريح
في عام1924 يهجر نيرودا دراسة اللغة الفرنسية ويتخصص في الأدب ويكتب ثلاثة أعمال تجريبية وذلك قبل أن يبدأ رحلة تعيينه سفيرا في العديد من البلدان تنتهي بكونه سفيرا في الأرجنتين عام1933 أي بعد زواجه من الهولندية الجميلة' ماريكا' بثلاث سنوات والتي انتهي زواجه منها بإنجاب طفلته مارفا مارينا التي ولدت في مدريد في الرابع من أكتوبر عام1934 والطريف أنه في نفس العام وتحديدا بعد شهرين تزوج نيرودا من زوجته الثانية ديليا ديل كاريل الأرجنتينية الشيوعية والتي تكبره بعشرين عاما والتي كانت تعشق الرسم خاصة رسم الخيل وقد انبهر بها نيرودا وسرعان ما ارتمي في أحضانها لأنها الوحيدة التي أخرجته من حالة الاكتئاب التي كادت تنتابه عقب علمه بمرض طفلته المزمن والذي كان يهدد حياتها. في تلك الأثناء اكتسب نيرودا شهرة عالمية واسعة جعلته واحدا من أكبر وأهم شعراء أمريكا اللاتينية ورغم كونه قد عمل سفيرا في العديد من الدول الأوروبية إلا أن ذلك لم يزده سوي إصرارا علي أن الشيوعية- التي اندلعت شرارتها في روسيا- ليست سوي المنقذ الحقيقي والحل السحري لكل المشكلات ورغم المتاعب التي سببها له هذا الاتجاه السياسي إلا أنه ظل متمسكا به إلي حد استقالته من عمله الدبلوماسي.
ويبدو أن الأفكار الشيوعية هذه قد أثرت علي الأسلوب الشعري لنيرودا فبعد أن كانت قصائده تمتاز بالرومانسية والحزن والحس المرهف أخذت القصائد تتطور لتصبح أقرب إلي السريالية التي كانت في ذلك الوقت تطغي علي المنظومة الفكرية والفنية في أوروبا كلها. يظهر هذا واضحا من خلال قصيدة نيرودا' إقامة علي الأرض' والتي امتلأت بالعديد من الصور المأساوية لما أحدثته الحضارة من دمار شامل علي الأرض وقد ظهرت هذه القصيدة عام1935 أي قبل عام واحد من انفجار الحرب الأسبانية والتي فجرت معها واحدة من أعظم قصائد نيرودا السياسية'نشيد الي أمهات المحاربين الموتي'. يأتي عام1937 ويعود نيرودا إلي شيلي تحديدا في10 أكتوبر ليكتب قصيدة' أسبانيا في القلب' والتي يقول فيها:
كنت أسكن في حي بمدريد
به أجراس
به ساعات به أشجار
منزلي كان يسمي منزل الزهور
لأن في كل ركن من أركانه
كانت تتفجر الزهور
من تحت الأرض
هل تتذكر يا رافاييل
هل تتذكر منزلي ذي الشرفات
نبض عميق من الأقدام والأيدي
كان يملأ الشوارع
وذات صباح كان كل شئ يحترق
ذات صباح كانت النيران تخرج من الأرض
وفي الشوارع كانت دماء الصغار
تجري مثل الأطفال
انظروا إلي منزلي الميت
انظروا إلي أسبانيا المنكسرة
من كل منزل ميت يخرج الحديد الملتهب
بدلا من الزهور
عندما كتب نيرودا هذه القصيدة لم يكن يعلم أنه سيواجه في العام التالي وفاة والده وكذلك زوجته الأولي والدة ابنته والتي توفيت هي الأخري متأثرة بمرضها عام.1942 في تلك الأثناء لم يكن نيرودا قد كتب شيئا يذكر خاصة في ظل الأعمال السياسية التي قام بها, لكنه سرعان ما استعاد موهبته الشعرية وكتب لنا تحفته' النشيد العام' عام1950 حيث عرض في هذا العمل الضخم تاريخ قارة أمريكا اللاتينية من منظور اجتماعي وسياسي ويؤكد أن للشعب الدور الرئيسي في التاريخ محتقرا كل الشعراء الذين يطلقون علي أنفسهم اسم الشعراء السماويين قائلا لهم:
ماذا فعلتم أنتم يا أهل جيان
يا مدعي الثقافة يا من تهتمون بالقوافي
يا مدعي الصوفية يا زيف من السحرة
ماذا فعلتم تجاه سلطة الكرب أمام هذا الجنس البشري الغامض
ويستمر التطور الشعري عند نيرودا وذلك من خلال تساؤلاته والتي دفعته اليها الرغبة في التوغل في جذور القارة اللاتينية لذلك نجده في ديوانه' أشعار القبطان' و'الكرم والريح' تخلي عن أن ينتهج أسلوبا بلاغيا وغراميا لا تشكل فيه الأسئلة عنصرا مهما وإن كان هناك تساؤل يطرح نفسه في ديوانه' استراباجاريو' وهو كم يعيش الانسان في النهاية؟
في هذا الديوان يضعنا نيرودا في قالب مختلف تماما عن كل نتاجه الشعري السابق فهو يعبر عن قلقه وعن ريبته وعن إحساسه بمحدوديته يعبر عن هذا كله من خلال الكوميديا السوداء التي تسيطر علي الديوان من أوله الي آخره
فيما أتيت أسألكم
من أكون في هذه المدينة الميتة؟
أين كنت؟
من كنت لا أفهم غير الرماد
بدءا من هذا الديوان نجد محدودية الوجود والموت هما المسيطران علي نيرودا حتي آخر قصائده فمثلا من قصيدة' صورة' من ديوان' أغان طقوسية' الذي ظهر عام1961 نجد الشاعر يتساءل:
من عاش؟
من سيعيش؟
من أحب؟
أما في' تفويض كامل' فنجده يتساءل:
في عرض الطريق أتساءل
أين توجد المدينة؟ ذهبت ولم تعد
وفي ديوان' مذكرات ايسلا نيجرا' الذي ظهر عام1964 نجده يسترجع حبه القديم لعشيقته فيقول
كيف وأين يقبع هذا الحب القديم
هل هو الآن قبر طير
أم نقطة من الكوارتز الأسود
أم قطعة من الخشب تآكلت بفعل المطر؟!
يأتي عام1968 ويمرض الكاتب بمرض يقعده عن الحركة فيكتب لنا ديوان أيدي الأيام ثم يتحفنا برائعته السيف المشتعل عام1970 ثم أحجار السماء في نفس العام وفي21 أكتوبر عام1971 يفوز نيرودا بجائزة نوبل في الأدب وعندما يعود إلي شيلي يستقبله الجميع باحتفال هائل في استاد سانتياجو ويكون علي رأس الاحتفال سلفادور الليندي الذي لقي مصرعه بعد ذلك علي يد الانقلاب الذي قاده بينوشيه وبعدها بأيام توفي نيرودا متأثرا بمرضه في23 سبتمبر1973
غزليات بابلو نيرودا
هنا
Download UFX
بيزات .... موقع مفيد انصح بزيارته
www.bezaat.com
مواضيع مماثلة
» فوائد البقدونس...نقلاً عن القامشلي كوم.
» الشاعر الراحل جورج سعدو....نقلاً عن الجزيرة كوم
» يهود مصر....نقلاً عن اليكوبيديا
» أعجبني هذا المقال من مجموعة ارفلون ...نقلاً
» الخط السرياني...نقلاً من المحطة
» الشاعر الراحل جورج سعدو....نقلاً عن الجزيرة كوم
» يهود مصر....نقلاً عن اليكوبيديا
» أعجبني هذا المقال من مجموعة ارفلون ...نقلاً
» الخط السرياني...نقلاً من المحطة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى