بيروت....أُلقيتْ في مهرجان الرقة الأول...عبد الأحد قومي

من طرف اسحق قومي الأحد يوليو 13, 2008 5:49 am

القصة الرابعة:
بيروت
أُلقيتْ في مهرجان الرقة الأول.

يا أحلى همساتِ الحبِّ، صدرُكِ دفئي…، عيناكِ ليلي،أهربُ فيهِ ، أنسى هذا الزمن الصعب،في العين الأولى يولد
حُبي…في الأخرى يموت الحبُّ،بين العينين مجزرة الأيامِ.
منذُ العين الأولى،قيحي بحرٌ،دمائي كوعد الرب تتجدد…أنزفُ أكثر، أعيشُ مابين الحقِّ وبين الباطلِ،بين الموتِ،
مجزرةُ الأيام آهٍ يا بيروت، أُمي، أُختي، زوجي الراحل،وإلهي يخجلُ من هذا الزمن الصعبْ.زهيدٌ ثمنُ البشريةِ كباهظ
من ثمن الموت المستعجل،يسرعُ هذا الموتُ يُسرعُ…حينَ أقبلُكِ، حين أنشدُ دفء الروح،حين ـ
بالعين الأخرى ـ
أبحرُ يسرعُ هذا الموتُ يُسرعُ، أسطورةُ هذا الزمنِ،أنْ يأتيكِ الموتُ تباعاً فالقناصُ عشيقتكِ الأولى،طلقاتُ المدفعِ
والإجهاضُ الموجعْ، …ـ ما أحلى أنْ يخترق الموت تباعاً…و…جسداً شهوانياً،يوحي بالحبِّ إليكِ.ما أصعبَ أنْ
يُرسمَ على الجسد الممتع خارطة الزمن الثابت،فقئوا عينيكِ ميلادي وموتي،كلفافات التبغِ احترقتْ،لكن بيروت
المولودة حديثاً،لكن التاريخ الذكرى…لا يرحمَ أحداً والأيام القادمة ستعلن صدق اللحظات،وإلهي ذاك الأسمرُ
سيُرثي جراحاتِ القناصين وسيدفعُكِ للبحرِ المُنْتظرِ…ستغتسلينْ.
وللأيامِ القادمةِ ستكونين عروس الله،بحقِّ الشعب، بحقِّ دماء المقتولين سأخيطُ وساماً للحرية،سأهُديكِ قلبي، أُهديكِ
دمائي وسأغني قيحي،هذا البحر لأسلق بيضاً وألونهُ…وأفرحَ فيكِ يا بيروت،الذكرى تأريخٌ والتاريخُ لا يرحم أحداً.
وأنتِ القاضي، وأنتِ الشعبُ، أنتِ الحقُّ والتأريخُ لا يرحمَ أحداً،يا بيروت.
يُحزنني أنْ أَرقبَ عينيكِ الدامعتين، وخصرُكِ ـ هذا الرائع ـ هلْ قُصِفَ؟؟!! إذاً، انتظري، سيجبرُ ويُجّملُ هذا
الخصرُ،وإياكِ سأرقصُ على موسيقى الموتِ،أبناؤكِ كثرٌ يا بيروت.والأيامُ طويلة…ودموعُكِ لن تجري هباء.
إِني قَبَليٌّ أدمنُ الثأرَ وسأغتالُ كلَّ ذئابِ الأرضِ…سأقطعُ كلَّ شرايين الجسدِّ،وأخيطُ وشاجاً ليسترَ عورتكِ
يا بيروت.
إِني هناكَ بجنوب الخلق فوق جثةِ هذا البحرِ،فليرحلْ هذا المطرُ ـالموتُ ـ ولتنصهرُ جبالُ الثلج الهادىء لتغرقْ كلُّ
الأشياء،وصديقي نوحٌ سيأتيكِ قريباً،فحارسكِ الجائعُ واأسفاه يهربُ يبحثُ عن خبزٍ.لحمُكِ هذا الرائعُ يغذي
دجاجاتٍ سوداءَ،تجهمَّ وجهُكِ،حرقوا صدركِ،وسدّوا كلَّ ينابيعِ الفرح…لكني أومنُ بالغضبِ فيكِ، أومنُ
بالبركان
أومنُ بالبحرِ…تعالي يا بيروت نتقاسمُ خبزي،هذا الدم.وتناسي رقصَ الجنِّ ما بعد النجمِ الأول.فجمالي تتحمل بل
تحتملُ الصحراءَ…وخيولي تصهلُ بوجه الشمسِ،مرحلةُ رقص النجم الأول ضاعتْ،مرحلة موسيقى الموتِ المنتشرِ
ابتدأتْ،ويأتي زمنُ الرفضِ…أعشقكِ بيروت، حيفا، يافا، والقدس، ووجُهكِ أغنيتي…ولكِ السبقُ ولحيفا السبق
وليافا السبق وللقدس السبق…فالأرضُ يبابٌ والحبُّ هدية.
ها أنذا أنسى جوعي…وبدماءِ الرُحَلِ أصنعُ شمساً.لن يحترقَ البحرُ بعد اليوم،لَنْ يَحيَّا مطرُ الموتِ في بيروت.
واللهُ قريباً يُرسلُ نوحاً،سيمتزجُ التأريخُ باسمكِ بيروت.وزحامُ الخلق يجيءُ وسيوفُ الأطفال تجيءُ، القمرُ الهاربُ…
وقلبي أو قبضتهُ…وزوجي تجيءُ، كلُّ الأفلاكِ إليكِ تجيء.تعلمنا يا بيروت أنَّ الدماءَ لا…لن تصبح ماء.
تعلمنا يا بيروت أنَّ الوطنَ أنشودةٌ في فاه الفقراءْ. تعلمنا يا بيروت أنَّ النصرَ لا يصنعهُ إلاَّ الفقراءْ.
فقراؤكِ يا بيروت تحدّوا الجوع وماتوا جياعاً….شرفاءْ.
وعرفتُ الآن الشمسَ إلهاً يُهديكِ الدفءَ، صيري قلاعاً
ويحيا باسمكِ…آلافُ الشعراء…
ويأتيكِ الحبُّ بزهرةِ عشقٍ حمراءْ.
أهدي إليكِ طعم القلب
طعم الحزن…طعمَ الفرحِ…طعمَ الموتِ…طعم الطلقةِ والأشياءْ.
***
عبد الأحد قومي