حنين .... و بقايا صور...للشاعر المهندس أبدل يوسف أبدل
صفحة 1 من اصل 1
حنين .... و بقايا صور...للشاعر المهندس أبدل يوسف أبدل
حنين و بقايا صور
عاد أخيراً ...و لهفة ربع قرن ٍ من الغياب تكوي أعماق فؤاد ظل ينبض حباً و شوقاً غامراً .
من سيقبَل أولاً ؟؟
أماً .... ما عادت تبصر جيداً بعد غيابه الطويل .
إخوة له ... ظلوا يعيشون على جرعات ٍ من أمل ٍ كانت ترسل إليهم في بطاقات معايدة موسيقية , أو عبر صور ترد إلى صندوق ٍ بريدي لا يفتح إلا قبل الأعياد السعيدة .
أصدقاءاً ... حفرت أسمائهم بحروف ٍ من ذهب ٍ هناك في أعماق ذاكرة ٍ عامرة ٍ بأطياف من أحبهم بكل صدق .
عتبةَ منزل ٍ ... وقف فوقها ذات يوم ٍ بدأ فيه الحبو ,فانطلق مستكشفاً جمال قرية أنعشه هواؤها , و لفحت شمسها جسده الغض الطري .
ترابَ وطن ٍ ... ظل يكبر في خياله حتى ضاقت به تلافيف الدماغ فذاب في الشرايين الحزينة أغنية ترددها كريات دمائه مع كل دقة قلب عاشقة .
دموع ٌ طازجة عفوية دافئة ... كصباحات ٍ صيفية نضحت من عينيه البريئتين حين استقرت قدماه أخيراً على أرض المطار .
ها هو يجثو راكعاً كناسك ٍ مترهب ٍ في معبدٍ قديم .
ها هو يلثم بشفتيه تراب الوطن باحثاً عن معالم وجهه فوق ساحة إسفلتية سوداء , فتستقر عواصف الشوق و الحنين تارة ً , وتارة ً تهب لتعصف من جديد ...
الطريق نحو القرية البعيدة يبدو طويلا ً بلا نهاية ... إنها مسافات الشوق التي تطول كلما طوت يد التقاويم يوما ً آخراً من سفر اغترابه ’ لتكفن الدقائق و اللحظات ما تبقى من شراذم روحه .
يطيل النظر إلى ساعته ...
يستعلم عن الوقت أحياناً من شاشة جهازه الخلوي .
يستعجل سائق السيارة أثناء الوقوف في المحطات المتناثرة على الطريق الصحراوي الأليف .
وصل القرية أخيراً بعد منتصف الليل .
ها هي دواليب السيارة تزحف بكل رفق كأنها تحرص ألا توقظ أحدا بعد يوم صيفي متعب طويل .
عواميد منارة ٌ ... سلات مهملات ٍ .. طرق معبدة ٌ كانت ذات يوم ٍ دروباً ترابية لطالما أعاقت أوحالها و صوله إلى مدرسة القرية الوحيدة .
الجميع كان بانتظاره ...
أمه .. إخوته .. أصدقاءه .. عتبة البيت , شجرة التوت و صنبور الماء و سور الحديقة القديم .
استقبل طيلة الأيام الثلاثة التالية ما تبقى من أهله و أصدقاءه و أقاربه ’ وشباب لم يتعرف عليهم لكنه تحدث عن ذكريات ربطته بذويهم أو أقاربهم .
صديق ٌ قديم ٌ حبيب ٌ وفي ..كان عليه أن يتفقده بنفسه و يطمأن عليه بعد أن ظلت أخباره تقض مضجعه و تؤرق تفكيره طيلة الثماني عشرة سنة الأخيرة ....
صباح اليوم التالي ....
تقلّد كاميرته الرقمية و انطلق عبر دروب ضيقة تغطي جنباتها بعض أشجار يابسة و أخرى ظلت على قيد الحياة رغم أنف القدر ...
خطوات قصيرة كمسافة حلم تفصله عن لحظة لقاء حلم بها كثيرا ...
وصل أخيراً بعد أن أدمت الأشواك عينيه و قلبه ...
ها هو يدق بأصابع الشوق أبواب الذكرى و الحنين ...
وقف وحيداً أمام بيت صديقه ...
تفاجأ بذبول أشجار الحديقة و احتلال الأعشاب الطويلة اليابسة فناء البيت ...
أين رحلت كل العصافير التي كانت تغني هنا طوال النهار ؟؟
أين تبعثر صوت الشلال الهادر... ؟؟؟ هناك حيث كان يطيب له أن يسبح حتى المغيب .
من قتل أسماك الحوض و استبدلها بكل هذه الضفادع الشاحبة النعيق ؟؟
من قطع أوردة الحياة عن الكروم الحالمة بمواسم العطاء ؟؟؟
صاحت روحه بأعلى صوتها مناديةً ..و لكن أحداً لم يكن هناك ليرد على استغاثاتها الكئيبة ..
لم يلتقط سوى صور حزينة مؤلمة ستحتفظ بها ذاكرته الرقمية العنيدة حتى آخر يوم في حياته.
لم يعثر على أحد ...فكل شيء كان قد تبدد كشذراتِ غيمات ٍ صيفية الحنين .
أبدل أبدل
عاد أخيراً ...و لهفة ربع قرن ٍ من الغياب تكوي أعماق فؤاد ظل ينبض حباً و شوقاً غامراً .
من سيقبَل أولاً ؟؟
أماً .... ما عادت تبصر جيداً بعد غيابه الطويل .
إخوة له ... ظلوا يعيشون على جرعات ٍ من أمل ٍ كانت ترسل إليهم في بطاقات معايدة موسيقية , أو عبر صور ترد إلى صندوق ٍ بريدي لا يفتح إلا قبل الأعياد السعيدة .
أصدقاءاً ... حفرت أسمائهم بحروف ٍ من ذهب ٍ هناك في أعماق ذاكرة ٍ عامرة ٍ بأطياف من أحبهم بكل صدق .
عتبةَ منزل ٍ ... وقف فوقها ذات يوم ٍ بدأ فيه الحبو ,فانطلق مستكشفاً جمال قرية أنعشه هواؤها , و لفحت شمسها جسده الغض الطري .
ترابَ وطن ٍ ... ظل يكبر في خياله حتى ضاقت به تلافيف الدماغ فذاب في الشرايين الحزينة أغنية ترددها كريات دمائه مع كل دقة قلب عاشقة .
دموع ٌ طازجة عفوية دافئة ... كصباحات ٍ صيفية نضحت من عينيه البريئتين حين استقرت قدماه أخيراً على أرض المطار .
ها هو يجثو راكعاً كناسك ٍ مترهب ٍ في معبدٍ قديم .
ها هو يلثم بشفتيه تراب الوطن باحثاً عن معالم وجهه فوق ساحة إسفلتية سوداء , فتستقر عواصف الشوق و الحنين تارة ً , وتارة ً تهب لتعصف من جديد ...
الطريق نحو القرية البعيدة يبدو طويلا ً بلا نهاية ... إنها مسافات الشوق التي تطول كلما طوت يد التقاويم يوما ً آخراً من سفر اغترابه ’ لتكفن الدقائق و اللحظات ما تبقى من شراذم روحه .
يطيل النظر إلى ساعته ...
يستعلم عن الوقت أحياناً من شاشة جهازه الخلوي .
يستعجل سائق السيارة أثناء الوقوف في المحطات المتناثرة على الطريق الصحراوي الأليف .
وصل القرية أخيراً بعد منتصف الليل .
ها هي دواليب السيارة تزحف بكل رفق كأنها تحرص ألا توقظ أحدا بعد يوم صيفي متعب طويل .
عواميد منارة ٌ ... سلات مهملات ٍ .. طرق معبدة ٌ كانت ذات يوم ٍ دروباً ترابية لطالما أعاقت أوحالها و صوله إلى مدرسة القرية الوحيدة .
الجميع كان بانتظاره ...
أمه .. إخوته .. أصدقاءه .. عتبة البيت , شجرة التوت و صنبور الماء و سور الحديقة القديم .
استقبل طيلة الأيام الثلاثة التالية ما تبقى من أهله و أصدقاءه و أقاربه ’ وشباب لم يتعرف عليهم لكنه تحدث عن ذكريات ربطته بذويهم أو أقاربهم .
صديق ٌ قديم ٌ حبيب ٌ وفي ..كان عليه أن يتفقده بنفسه و يطمأن عليه بعد أن ظلت أخباره تقض مضجعه و تؤرق تفكيره طيلة الثماني عشرة سنة الأخيرة ....
صباح اليوم التالي ....
تقلّد كاميرته الرقمية و انطلق عبر دروب ضيقة تغطي جنباتها بعض أشجار يابسة و أخرى ظلت على قيد الحياة رغم أنف القدر ...
خطوات قصيرة كمسافة حلم تفصله عن لحظة لقاء حلم بها كثيرا ...
وصل أخيراً بعد أن أدمت الأشواك عينيه و قلبه ...
ها هو يدق بأصابع الشوق أبواب الذكرى و الحنين ...
وقف وحيداً أمام بيت صديقه ...
تفاجأ بذبول أشجار الحديقة و احتلال الأعشاب الطويلة اليابسة فناء البيت ...
أين رحلت كل العصافير التي كانت تغني هنا طوال النهار ؟؟
أين تبعثر صوت الشلال الهادر... ؟؟؟ هناك حيث كان يطيب له أن يسبح حتى المغيب .
من قتل أسماك الحوض و استبدلها بكل هذه الضفادع الشاحبة النعيق ؟؟
من قطع أوردة الحياة عن الكروم الحالمة بمواسم العطاء ؟؟؟
صاحت روحه بأعلى صوتها مناديةً ..و لكن أحداً لم يكن هناك ليرد على استغاثاتها الكئيبة ..
لم يلتقط سوى صور حزينة مؤلمة ستحتفظ بها ذاكرته الرقمية العنيدة حتى آخر يوم في حياته.
لم يعثر على أحد ...فكل شيء كان قد تبدد كشذراتِ غيمات ٍ صيفية الحنين .
أبدل أبدل
أبدل يوسف أبدل- شــاعر
-
عدد الرسائل : 6
العمر : 50
الموقع : سوريا
العمل/الترفيه : مهندس زراعي
تاريخ التسجيل : 30/05/2009
مواضيع مماثلة
» بيتنا الكبير...بقلم المهندس أبدل يوسف أبدل
» قراءة في أوراق عاشقة شرقية...للشاعر أبدل يوسف أبدل
» رسالة حب إلى سيميل...للشاعر أبدل يوسف أبدل
» ترحيب بالمهندس الشاعر الحبيب أبدل يوسف أبدل...اسحق قومي
» صفحات ملونة في كتاب الشمس..الشاعر أبدل يوسف أبدل
» قراءة في أوراق عاشقة شرقية...للشاعر أبدل يوسف أبدل
» رسالة حب إلى سيميل...للشاعر أبدل يوسف أبدل
» ترحيب بالمهندس الشاعر الحبيب أبدل يوسف أبدل...اسحق قومي
» صفحات ملونة في كتاب الشمس..الشاعر أبدل يوسف أبدل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى