قصة قصيرة...لنقرأْ قصة شاعر ٍ....عبد الأحد قومي
صفحة 1 من اصل 1
قصة قصيرة...لنقرأْ قصة شاعر ٍ....عبد الأحد قومي
لنقرأْ قصة شاعرٍ
القصة الفائزة بالمركز الأول على مستوى سوريا،ضمن مسابقة
جريدة الثورة.العدد:6463بتاريخ 4/4/1984م.
تفرسّ في عيون تلك الفتاة التي أحبَّها دوماً،وقفَ جامداً لا يتحرك،انفلتتْ أفكارهُ من مسارها، اصطدمتْ بالعقل الباطن…،وتلاشتْ لديهِ كلُّ الشهوات،راحَ يمازحُ أوراقهُ المصفرةَ،يُداعبها كياسمينِ ربيعِ الغُربةِ…
(1)
صرخَ…إني أجرعُ حياةَ الموت،واستلقي في وجهِ الآلهةِ.أبكي الراحلَ أرض الطهارات، وأتشبثُ بالنورسِ يطيرُ تواً، تعلو مدائنُ الغسقِ…ثمَّ تبسّمَ هذا القادم…ـ هل أتعلَّمُ من وجعي الملقى برغيفٍ محترق؟!.لا يجدي نفعاً أيُّها الإله الطيب!! أرجوكَ تعلّمْ فنَ الموتِ، والضحكة الأخيرةَ…
(2)
حينَ أجتمعُ بالأقطابِ السذَّجِ لهذا النهرِ أو ذاكَ البحرِ، تلفنُّي أمٌّ تَعْشَقُني بثوبٍ أقرأُ فيهِ لحظاتِ إندغام الشهوة بالرؤيةِ..وأُسميهِ فرساً أقودُهُ في مجاهلِ الزمنِ الحاضرِ.
أنتَ؟!…ماذا؟!…أسألُكَ أينَ تصيرُ الأرضُ دائرةً صغرى تدخلُ بؤبؤ عيني اليسرى؟!لاأدري يكفي أن تصلي لأجلي…
(3)
تتعلمُ أمٌّ تَعْشَقُني: إِنَّ المولودَ لابدَّ أَنْ يسكرَ بخمرِ الساعاتِ الأولى لولادتهِ.أتذوقُ طعمَ الخمرِ ،أبيضَ كان أم ْ ناعساً ...حليبُ أمٍّ أعرفُها…تصرخُ أمٌّ: فَلْتُرفَعْ أصابعُ القابلةِ عن طفلي…قابلةٌ ما…تُخرجُني من أحشاءِ حفيدي الثالث وأنا أبتسمُ،تنهرني القابلةُ…، تبكي أمٌّ ـ يتألمُ هذا المولودُ ـ أنا ـ يصيرُ بوسعِ الأرضِ ـ الشجرِ ... الوردة
الحمراء يتمردُ…تعزفُ أمٌّ تَعْشَقُني،إِنَّ البردَ لا يغلقُ أذني، ويعرفُ المولودُ أَنَّ البردَ الأبردَ لا يغلقُ أفواهَ الفقراء،
ثمَّ يجتاحُ القحطُّ رأسَ الدبوسِ، يعلو صوتُ عريف الحفلة (فِقْراتُنا الفنيةُ تبدأُ بأغنيةِ المولود الجديدِ)
(4)
يتقدمُ رسول المولودِ يُعلنُ أنَّ المولودَ قدْ ماتَ، ويحلُّ عوضاً عنهُ، يتحدثُ بلغةِ الجمعِ،بضميرٍ يُدعى (نحنُ).رسول المولودِ هذا مستوردٌ من علبٍ حمراءَ في باريس أو لندنَ…لا فرق،فكلُّ العواصمِ ـ عفواً ـ أغلبُها تتشابهُ
بصفاتِ الأنوثةِ والرّجولةِ وباقاتِ الزهرِ.
(5)
تبرزُ مشكلةٌ في هذه اللحظةِ أكثرَ وضوحاً وشراسة…كارثةُ العُقمِ، تصوروا، تُصْلَبُ زوجاتي من رحمٍ باتَ يتدفقُ أطفالاً يحبُّونَ الغثيان،يكرهون حليب (النيدو).وتفقدُ أُمي الفعلَ المنعكسَ.تأتي بهِ حليباً يحملُ أصالتنا، وتُصابُ مورثاتُنا بأنماطِ الهجونةِ، فيختلطُ حليبُ(النيدو) بحليبِ الطهرِ.تولدُ فاجعةٌ، مسكينةٌ أمي!!!.
لمْ تتعلمْ من نصيحةِ جَدي، كانَ قدْ أخبرنا:إِنَّ البردَ يُفقدُ ثدييها فَنَ الإدرار…،
(6)
تتجمعُ أشلاءُ البحرِ…، الصحراءِ…، أطفالُ بيروت…، تُذبحُ حبيبتي ليلةَ القدرِ علناً ماتتْ،لَمْ يصرخْ أحدٌ.الجوقةُ هي التي صرختْ…قالت: لاشيء يجري فهي تكركرُ من فرحٍ طفليٍّ أصابها…يمازحُها فتى الأحلامِ فتغطُّ
بنومٍ عميق.
مساميرٌ حول جسدها المرمى على شاطىءِ البحرِ المتعفنِ بالجيفةِ ورائحةِ الدمِ…ارفعْ عينيكَ إِني أسألُكَ…، يُسرقُ القلبُ يتسور…تضيعُ خرائطُنا،وتندثرُ أسماءُ المدنِ واحدةً تلو الأخرى.
ويُصبُّ الزيتُ المغليُّ فوقَ الصدرِ وتسافرُ المرأةُ التي أعشقُ، شهراً أو سنةً، قرناً، أبداً للعسلِ الحنظلِ،
تجيئُنا رسائُلها تكتب باللغةِ(…).
(7)
يتوضحُ للمولودِ المَيْتِ أنَّ الأمَّ قد سُرقَتْ أو فقدتْ أصالةَ الليمونِ الزاخرِ بالطيّبة،ورائحةَ البياراتِ،يتوضحُ أولاً ...يتوضحُ للجوقةِ أن الأمَّ قدْ بِيعتْ علناً في سوقٍ مكتظٍّ بالنخاسين وليعرفْ كلُّ أعضاء ِ الجوقةِ أنَّ
الطفلَ البكرَ ما مات قدْ ولدَ يحملُ الرمحَ وأسرجَ مهرتهُ نحو الشمسِ،
يعيدُ قصةَ غرامٍ قديمةٍ جديدةٍ.ويفتحُ وجهي نهراً قادماً، يوزعهُ على كلِّ الأطفال.
(
يتمددُ هذا الشاعرُ يحتوي كلَّ الصحراء من محيطٍ لمحيط، تدمعُ عيناهُ ثمَّ يحملُ نوارسَ عشقهِ، يقطنُ هذا المستحيل.
وتتبعَهُ عصافيرُ الدوري، بعضُ الفراشاتِ الجائعة،يزورُ عَبْرَ رحلتهِ الطويلةِ القصيرةِ قصوراً وبلاطاتٍ لملوكٍ لازالوا أحياءَ أموت.
(9)
نقرأُ في الصفحةِ الأخيرةِ لصحيفةٍ مشهورةٍ عالمياً….وباللغة (......) إنَّ في الوطن العربي عادة ٌ تمارسُها أدمغةُ الغربِ تجتاحُ أشجارَ الزيتونِ /السرو/الصنوبرِ/الكينا،لا تقفُ أمامها إلاَّ الريحُ القادمةُ من خلفِ مداراتِ الثقةِ بالنفس.
(10)
الشاعرُ هذا متعددٌ، يعيشُ كالطحلبِ…ينمو ويتكاثرُ، يطلبُ إلى دورِ النشرِ استهلاكهُ فوراً وتُصادرُ أصابعهُ
ويُعفى من الرسومِ الجمركيةِ.ليتسنى لهُ التنقلُ بينَ خلايا الجسدِ…،ليتفاعل مع كلِّ الحشراتِ والفئران…
خاتمة:
كابوسٌ رهيبٌ كانَ قدْ حطَّ برحالهِ على شابٍ ما.أدْلى بهذهِ القصة عن شاعرٍ ما يعيشُ هنا …هناك، هنالك
لا نعرف بالتأكيدْ .
**** بقلم: عبد الأحد قومي.
الحسكة.آذار 1984م
القصة الفائزة بالمركز الأول على مستوى سوريا،ضمن مسابقة
جريدة الثورة.العدد:6463بتاريخ 4/4/1984م.
تفرسّ في عيون تلك الفتاة التي أحبَّها دوماً،وقفَ جامداً لا يتحرك،انفلتتْ أفكارهُ من مسارها، اصطدمتْ بالعقل الباطن…،وتلاشتْ لديهِ كلُّ الشهوات،راحَ يمازحُ أوراقهُ المصفرةَ،يُداعبها كياسمينِ ربيعِ الغُربةِ…
(1)
صرخَ…إني أجرعُ حياةَ الموت،واستلقي في وجهِ الآلهةِ.أبكي الراحلَ أرض الطهارات، وأتشبثُ بالنورسِ يطيرُ تواً، تعلو مدائنُ الغسقِ…ثمَّ تبسّمَ هذا القادم…ـ هل أتعلَّمُ من وجعي الملقى برغيفٍ محترق؟!.لا يجدي نفعاً أيُّها الإله الطيب!! أرجوكَ تعلّمْ فنَ الموتِ، والضحكة الأخيرةَ…
(2)
حينَ أجتمعُ بالأقطابِ السذَّجِ لهذا النهرِ أو ذاكَ البحرِ، تلفنُّي أمٌّ تَعْشَقُني بثوبٍ أقرأُ فيهِ لحظاتِ إندغام الشهوة بالرؤيةِ..وأُسميهِ فرساً أقودُهُ في مجاهلِ الزمنِ الحاضرِ.
أنتَ؟!…ماذا؟!…أسألُكَ أينَ تصيرُ الأرضُ دائرةً صغرى تدخلُ بؤبؤ عيني اليسرى؟!لاأدري يكفي أن تصلي لأجلي…
(3)
تتعلمُ أمٌّ تَعْشَقُني: إِنَّ المولودَ لابدَّ أَنْ يسكرَ بخمرِ الساعاتِ الأولى لولادتهِ.أتذوقُ طعمَ الخمرِ ،أبيضَ كان أم ْ ناعساً ...حليبُ أمٍّ أعرفُها…تصرخُ أمٌّ: فَلْتُرفَعْ أصابعُ القابلةِ عن طفلي…قابلةٌ ما…تُخرجُني من أحشاءِ حفيدي الثالث وأنا أبتسمُ،تنهرني القابلةُ…، تبكي أمٌّ ـ يتألمُ هذا المولودُ ـ أنا ـ يصيرُ بوسعِ الأرضِ ـ الشجرِ ... الوردة
الحمراء يتمردُ…تعزفُ أمٌّ تَعْشَقُني،إِنَّ البردَ لا يغلقُ أذني، ويعرفُ المولودُ أَنَّ البردَ الأبردَ لا يغلقُ أفواهَ الفقراء،
ثمَّ يجتاحُ القحطُّ رأسَ الدبوسِ، يعلو صوتُ عريف الحفلة (فِقْراتُنا الفنيةُ تبدأُ بأغنيةِ المولود الجديدِ)
(4)
يتقدمُ رسول المولودِ يُعلنُ أنَّ المولودَ قدْ ماتَ، ويحلُّ عوضاً عنهُ، يتحدثُ بلغةِ الجمعِ،بضميرٍ يُدعى (نحنُ).رسول المولودِ هذا مستوردٌ من علبٍ حمراءَ في باريس أو لندنَ…لا فرق،فكلُّ العواصمِ ـ عفواً ـ أغلبُها تتشابهُ
بصفاتِ الأنوثةِ والرّجولةِ وباقاتِ الزهرِ.
(5)
تبرزُ مشكلةٌ في هذه اللحظةِ أكثرَ وضوحاً وشراسة…كارثةُ العُقمِ، تصوروا، تُصْلَبُ زوجاتي من رحمٍ باتَ يتدفقُ أطفالاً يحبُّونَ الغثيان،يكرهون حليب (النيدو).وتفقدُ أُمي الفعلَ المنعكسَ.تأتي بهِ حليباً يحملُ أصالتنا، وتُصابُ مورثاتُنا بأنماطِ الهجونةِ، فيختلطُ حليبُ(النيدو) بحليبِ الطهرِ.تولدُ فاجعةٌ، مسكينةٌ أمي!!!.
لمْ تتعلمْ من نصيحةِ جَدي، كانَ قدْ أخبرنا:إِنَّ البردَ يُفقدُ ثدييها فَنَ الإدرار…،
(6)
تتجمعُ أشلاءُ البحرِ…، الصحراءِ…، أطفالُ بيروت…، تُذبحُ حبيبتي ليلةَ القدرِ علناً ماتتْ،لَمْ يصرخْ أحدٌ.الجوقةُ هي التي صرختْ…قالت: لاشيء يجري فهي تكركرُ من فرحٍ طفليٍّ أصابها…يمازحُها فتى الأحلامِ فتغطُّ
بنومٍ عميق.
مساميرٌ حول جسدها المرمى على شاطىءِ البحرِ المتعفنِ بالجيفةِ ورائحةِ الدمِ…ارفعْ عينيكَ إِني أسألُكَ…، يُسرقُ القلبُ يتسور…تضيعُ خرائطُنا،وتندثرُ أسماءُ المدنِ واحدةً تلو الأخرى.
ويُصبُّ الزيتُ المغليُّ فوقَ الصدرِ وتسافرُ المرأةُ التي أعشقُ، شهراً أو سنةً، قرناً، أبداً للعسلِ الحنظلِ،
تجيئُنا رسائُلها تكتب باللغةِ(…).
(7)
يتوضحُ للمولودِ المَيْتِ أنَّ الأمَّ قد سُرقَتْ أو فقدتْ أصالةَ الليمونِ الزاخرِ بالطيّبة،ورائحةَ البياراتِ،يتوضحُ أولاً ...يتوضحُ للجوقةِ أن الأمَّ قدْ بِيعتْ علناً في سوقٍ مكتظٍّ بالنخاسين وليعرفْ كلُّ أعضاء ِ الجوقةِ أنَّ
الطفلَ البكرَ ما مات قدْ ولدَ يحملُ الرمحَ وأسرجَ مهرتهُ نحو الشمسِ،
يعيدُ قصةَ غرامٍ قديمةٍ جديدةٍ.ويفتحُ وجهي نهراً قادماً، يوزعهُ على كلِّ الأطفال.
(
يتمددُ هذا الشاعرُ يحتوي كلَّ الصحراء من محيطٍ لمحيط، تدمعُ عيناهُ ثمَّ يحملُ نوارسَ عشقهِ، يقطنُ هذا المستحيل.
وتتبعَهُ عصافيرُ الدوري، بعضُ الفراشاتِ الجائعة،يزورُ عَبْرَ رحلتهِ الطويلةِ القصيرةِ قصوراً وبلاطاتٍ لملوكٍ لازالوا أحياءَ أموت.
(9)
نقرأُ في الصفحةِ الأخيرةِ لصحيفةٍ مشهورةٍ عالمياً….وباللغة (......) إنَّ في الوطن العربي عادة ٌ تمارسُها أدمغةُ الغربِ تجتاحُ أشجارَ الزيتونِ /السرو/الصنوبرِ/الكينا،لا تقفُ أمامها إلاَّ الريحُ القادمةُ من خلفِ مداراتِ الثقةِ بالنفس.
(10)
الشاعرُ هذا متعددٌ، يعيشُ كالطحلبِ…ينمو ويتكاثرُ، يطلبُ إلى دورِ النشرِ استهلاكهُ فوراً وتُصادرُ أصابعهُ
ويُعفى من الرسومِ الجمركيةِ.ليتسنى لهُ التنقلُ بينَ خلايا الجسدِ…،ليتفاعل مع كلِّ الحشراتِ والفئران…
خاتمة:
كابوسٌ رهيبٌ كانَ قدْ حطَّ برحالهِ على شابٍ ما.أدْلى بهذهِ القصة عن شاعرٍ ما يعيشُ هنا …هناك، هنالك
لا نعرف بالتأكيدْ .
**** بقلم: عبد الأحد قومي.
الحسكة.آذار 1984م
مواضيع مماثلة
» قصة قصيرة بعنوان: هذيان ..للشاعر الراحل عبد الأحد قومي
» هذيان...قصص قصيرة زائد مقطع شعري...عبد الأحد قومي
» تعالوا معي نرحب بنوّار قومي بن الشاعر والأديب الراحل عبد الأحد قومي
» في الذكرى التاسعة لرحيل الشاعر عبد الأحد قومي....اسحق قومي
» قصة قصيرة للأطفال: مات جرجس....اسحق قومي
» هذيان...قصص قصيرة زائد مقطع شعري...عبد الأحد قومي
» تعالوا معي نرحب بنوّار قومي بن الشاعر والأديب الراحل عبد الأحد قومي
» في الذكرى التاسعة لرحيل الشاعر عبد الأحد قومي....اسحق قومي
» قصة قصيرة للأطفال: مات جرجس....اسحق قومي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى