رسـالة إلى أُمي في ليلة الميلاد...اسحق قومي
صفحة 1 من اصل 1
رسـالة إلى أُمي في ليلة الميلاد...اسحق قومي
رسالة إلى أُمي في ليلة الميلاد
بقلم اسحق قومي
غداً يحلُّ علينا عيد الميلاد....جلستُ أقلبُّ ضمن دفاتري العتيقة....وجدتُ على هوامشها عبارات ٍ غامضة ٍ لا أعرفُ سرّها وعندما أدلفُ نفسي عبر مكنوناتها تجدني أتجلّى في ثوب العاطفة وأسوحُ ضفافَ الذاكرة علّني ألتقي بتلك المرافىء الدافئة...ورغمَّ أنَّ أُمي رحلت عنّا منذ ما يزيد عن سبعة أعوام...توفاها الله...
إلاّ أنها لا زالت تعيش معي ففي كلِّ صباح ٍ أرتلُ لها أناشيداً كانت تُحبها...وأقرأُ على مسامعها قصيدتي التي كتبتها فجراً،وكثيراً ما كنتُ أسمعُ صوتها يأتيني قائلاً...لا تستعجل يا بنيَّ، فأقفُ حائراً أمامَ صوتها الذي يشدني إلى سنوات خلتْ، حينَ كنتُ طفلاً ..أُمي لم تكن تعرف القراءة ولا الكتابة...ولكنها كانت تعرف سرَّ التضحية والأمومة...ولطالما بحتُ لكم بسرٍّ شخصي هاكم ما كانت تقوله لي عندما كنتُ أعاتبها حين تجمعُ وتقسم محبتها بالتساوي على جميع أبنائها وبناتها وأحفادها....وكنتُ أنزعج منها ونتصالح بالدموع....فما هي قصة الأم وما هي عناوينها؟!!!
لن أُكمل...الله يا أُماه كم كنتُ أمياً أمام عظمة حنانك!!!!!
وقلبك الكبير الذي كان يتسعُ لنزقي....!!!! كمْ كنتُ جاهلاً في مدن فيضك الإلهي....!!!!
وهاكم القصة التي رواها لي أحد الآشوريين الموجودين في ألمانيا.عن محبة الأم...
القصة تقول كان يا ما كان. كان في قديم الزمان.كان في أرض أشور شاب عريض المنكبين طويل القامة، قوي الجسم والإرادة. وكان وحيد أُمه الأرملة التي ضحت في حياتها من أجل أن تربيه حتى غدا رجلاً...ولكن هذا الشاب لطالما كان يسهر في إيوان الملك...كم مرةً تمنى لو يُعينه وزيراً....أدرك الملك نوايا الشاب المتهور وفي إحدى الليالي الباردة قال له الملك: حين ينفك المجلس أريدك أن تبقى....فرح الشاب كثيراً...وعندما أنفضّ الجمعُ قال له الملك: هل تريد أن تصبح وزيراً في مملكتي؟!!! أجاب الشاب عش عزيزاً أيها الملك...لكن الملك أراد أن يجربه فقال للشاب لي أن أسألك إن حققت ليّ هذا الطلب سيتم تعيينك حالاً...وبلهفة ٍ قال الشاب لك ما تريد أيها الملك!!!!
قال له أريد قلب أُمكَ.....نظر الشاب للملك وقال له: سمعاً وطاعة ً..وبسرعة البرق ذهب إلى بيتهم حيث كانت أُمه تنتظر رجوعه...
سألته أمه لماذا يخفق قلبه وهو مضطرب....لماذا جئت مسرعاً يا ولدي هل أصابك أمراً ما؟!! لكن الشاب المتهور أخذ سكينهُ وذبح أُمه...وبدأ بإخراج قلبها . ورغم صراخها وبكائها وألمها...لم يكترث بها...أخرج قلب أُمه وأخذه بيده ومضى مسرعاً للملك...وفي الطريق تعثر الشاب وسقط على الأرض وجرحت يديه...تألم ومن قلب أُمه الذي سقط منه صوتٌ يقول له: هل أصابك شيئاً يا ولدي لو كنتُ أنا وليس أنت...
أستيقظ الشاب من سكرته وعَلِمَ أنَّ الملك غدر به., فأمه وحيدته في الدّنيا...قرر الشاب أن ينتقم لأمه ...دخل على الملك وهو يقول : عليك أن تغمض عينيك أيها الملك لأريك قلب أُمي...أغمض الملك عينيه ...وما كان على الشاب إلا واستلّ نفس السكين التي قتل بها أمه...وانهال على الملك طعناً حتى أرداه قتيلاً .....لكن ما الفائدة فأمه لم تعد وأدرك كم كان متوهماً وقاسياً ولم يعرف كم كانت أُمه تُحبه؟!!!!
يصرخُ ...يبكي هائماً على وجهه إلا أنّ أُمه غادرت دون عودةٍ.....
وهنا لنا أن نسأل....رغم أننا نقدر صراع الأجيال ورغباتها والتطور والتقدم واختلاف التربية وما أصاب أجيالنا من سلوك لا يمت بصلة إلى ماضينا...
ألا يمارسون ويعانون نفس ما كان يُعانيه ذاك الشاب!!!!ألا يُمارسون القتل الروحي والنفسي لآبائهم وأمهاتهم...؟!!!
شابٌ أرعنٌ وفتاة تركض خلف شهوتها..وأبٌ لا يعرف العاطفة ...الأم مشغولة فيما يعنيها من مظاهر براقة لقد تفككت أسرتنا حتى غدونا أشباه أسرْ...
أجيالنا وأغلبها غير قادرة ٍ على التواصل مع الرحم الأول( الأسرة)...البيت لم يعد سوى ذاك الفندق الذي يأوي إليه المحتاج من أبناء الأسرة...
علاقات فريدة في غاية الغرابة..زواجٌ غير ناجح ٍ....دون حب...ولا عاطفة...مصالح في جوهره....بشرٌ كالقراصنة الذين يجوبون مضيق باب المندب قبالة السواحل الصومالية...قيم تنهار كأنها الجبال الجليدية في القطبين جرّاء الإنحباس الحراري ......
الأطفال يمضون جلّ وقتهم في المدارس...وربما في الطرقات....فتياتٌ يجبن الشوارع والهواتف النقالة ...الله أيام زمان عندما كنا مراهقين فما كانت هناك من وسيلة للتواصل سوى أن نلتقيها من بعيد....وربما جبنا الشوارع دون جدوى...أسر موزعة في أنحاء العالم ..خرجنا من بيوتنا الطينية وربما أفضلنا الكلسية أو الإسمنتية...وتوزعنا في رحاب العالم ..ومن بقيَّ في الوطن ينتظر الهواتف من الأحبة.....لقد طال بيَّ السهر حتى كأنّ الفجر بدأ يرسم تباشير الميلاد المجيد..
تعبتُ وملني التفكير وأنا لا أستطيع أن أغيرّ العالم لكن أستطيع لا بل فعلتها هي أنني أفكك أبجدياته وبدأتُ أُعيد ترتيبها من جديد...
وميلاد مجيد....ولد اليوم إله السلام له كل المجد....
***
اسحق قومي
25/12/2008م
(ملاحظة: عن قصة قلب الأم التي ضمناها نصنا .هكذا رويت من قبل أكثر من وأحد ٍ لكن العبرة فيها وليس فيما أصابها من زيادة أو نقصان....)
بقلم اسحق قومي
غداً يحلُّ علينا عيد الميلاد....جلستُ أقلبُّ ضمن دفاتري العتيقة....وجدتُ على هوامشها عبارات ٍ غامضة ٍ لا أعرفُ سرّها وعندما أدلفُ نفسي عبر مكنوناتها تجدني أتجلّى في ثوب العاطفة وأسوحُ ضفافَ الذاكرة علّني ألتقي بتلك المرافىء الدافئة...ورغمَّ أنَّ أُمي رحلت عنّا منذ ما يزيد عن سبعة أعوام...توفاها الله...
إلاّ أنها لا زالت تعيش معي ففي كلِّ صباح ٍ أرتلُ لها أناشيداً كانت تُحبها...وأقرأُ على مسامعها قصيدتي التي كتبتها فجراً،وكثيراً ما كنتُ أسمعُ صوتها يأتيني قائلاً...لا تستعجل يا بنيَّ، فأقفُ حائراً أمامَ صوتها الذي يشدني إلى سنوات خلتْ، حينَ كنتُ طفلاً ..أُمي لم تكن تعرف القراءة ولا الكتابة...ولكنها كانت تعرف سرَّ التضحية والأمومة...ولطالما بحتُ لكم بسرٍّ شخصي هاكم ما كانت تقوله لي عندما كنتُ أعاتبها حين تجمعُ وتقسم محبتها بالتساوي على جميع أبنائها وبناتها وأحفادها....وكنتُ أنزعج منها ونتصالح بالدموع....فما هي قصة الأم وما هي عناوينها؟!!!
لن أُكمل...الله يا أُماه كم كنتُ أمياً أمام عظمة حنانك!!!!!
وقلبك الكبير الذي كان يتسعُ لنزقي....!!!! كمْ كنتُ جاهلاً في مدن فيضك الإلهي....!!!!
وهاكم القصة التي رواها لي أحد الآشوريين الموجودين في ألمانيا.عن محبة الأم...
القصة تقول كان يا ما كان. كان في قديم الزمان.كان في أرض أشور شاب عريض المنكبين طويل القامة، قوي الجسم والإرادة. وكان وحيد أُمه الأرملة التي ضحت في حياتها من أجل أن تربيه حتى غدا رجلاً...ولكن هذا الشاب لطالما كان يسهر في إيوان الملك...كم مرةً تمنى لو يُعينه وزيراً....أدرك الملك نوايا الشاب المتهور وفي إحدى الليالي الباردة قال له الملك: حين ينفك المجلس أريدك أن تبقى....فرح الشاب كثيراً...وعندما أنفضّ الجمعُ قال له الملك: هل تريد أن تصبح وزيراً في مملكتي؟!!! أجاب الشاب عش عزيزاً أيها الملك...لكن الملك أراد أن يجربه فقال للشاب لي أن أسألك إن حققت ليّ هذا الطلب سيتم تعيينك حالاً...وبلهفة ٍ قال الشاب لك ما تريد أيها الملك!!!!
قال له أريد قلب أُمكَ.....نظر الشاب للملك وقال له: سمعاً وطاعة ً..وبسرعة البرق ذهب إلى بيتهم حيث كانت أُمه تنتظر رجوعه...
سألته أمه لماذا يخفق قلبه وهو مضطرب....لماذا جئت مسرعاً يا ولدي هل أصابك أمراً ما؟!! لكن الشاب المتهور أخذ سكينهُ وذبح أُمه...وبدأ بإخراج قلبها . ورغم صراخها وبكائها وألمها...لم يكترث بها...أخرج قلب أُمه وأخذه بيده ومضى مسرعاً للملك...وفي الطريق تعثر الشاب وسقط على الأرض وجرحت يديه...تألم ومن قلب أُمه الذي سقط منه صوتٌ يقول له: هل أصابك شيئاً يا ولدي لو كنتُ أنا وليس أنت...
أستيقظ الشاب من سكرته وعَلِمَ أنَّ الملك غدر به., فأمه وحيدته في الدّنيا...قرر الشاب أن ينتقم لأمه ...دخل على الملك وهو يقول : عليك أن تغمض عينيك أيها الملك لأريك قلب أُمي...أغمض الملك عينيه ...وما كان على الشاب إلا واستلّ نفس السكين التي قتل بها أمه...وانهال على الملك طعناً حتى أرداه قتيلاً .....لكن ما الفائدة فأمه لم تعد وأدرك كم كان متوهماً وقاسياً ولم يعرف كم كانت أُمه تُحبه؟!!!!
يصرخُ ...يبكي هائماً على وجهه إلا أنّ أُمه غادرت دون عودةٍ.....
وهنا لنا أن نسأل....رغم أننا نقدر صراع الأجيال ورغباتها والتطور والتقدم واختلاف التربية وما أصاب أجيالنا من سلوك لا يمت بصلة إلى ماضينا...
ألا يمارسون ويعانون نفس ما كان يُعانيه ذاك الشاب!!!!ألا يُمارسون القتل الروحي والنفسي لآبائهم وأمهاتهم...؟!!!
شابٌ أرعنٌ وفتاة تركض خلف شهوتها..وأبٌ لا يعرف العاطفة ...الأم مشغولة فيما يعنيها من مظاهر براقة لقد تفككت أسرتنا حتى غدونا أشباه أسرْ...
أجيالنا وأغلبها غير قادرة ٍ على التواصل مع الرحم الأول( الأسرة)...البيت لم يعد سوى ذاك الفندق الذي يأوي إليه المحتاج من أبناء الأسرة...
علاقات فريدة في غاية الغرابة..زواجٌ غير ناجح ٍ....دون حب...ولا عاطفة...مصالح في جوهره....بشرٌ كالقراصنة الذين يجوبون مضيق باب المندب قبالة السواحل الصومالية...قيم تنهار كأنها الجبال الجليدية في القطبين جرّاء الإنحباس الحراري ......
الأطفال يمضون جلّ وقتهم في المدارس...وربما في الطرقات....فتياتٌ يجبن الشوارع والهواتف النقالة ...الله أيام زمان عندما كنا مراهقين فما كانت هناك من وسيلة للتواصل سوى أن نلتقيها من بعيد....وربما جبنا الشوارع دون جدوى...أسر موزعة في أنحاء العالم ..خرجنا من بيوتنا الطينية وربما أفضلنا الكلسية أو الإسمنتية...وتوزعنا في رحاب العالم ..ومن بقيَّ في الوطن ينتظر الهواتف من الأحبة.....لقد طال بيَّ السهر حتى كأنّ الفجر بدأ يرسم تباشير الميلاد المجيد..
تعبتُ وملني التفكير وأنا لا أستطيع أن أغيرّ العالم لكن أستطيع لا بل فعلتها هي أنني أفكك أبجدياته وبدأتُ أُعيد ترتيبها من جديد...
وميلاد مجيد....ولد اليوم إله السلام له كل المجد....
***
اسحق قومي
25/12/2008م
(ملاحظة: عن قصة قلب الأم التي ضمناها نصنا .هكذا رويت من قبل أكثر من وأحد ٍ لكن العبرة فيها وليس فيما أصابها من زيادة أو نقصان....)
مواضيع مماثلة
» أُمي والحُكماء.....بقلم اسحق قومي
» تحية من القلب للشاعر اسحق قومي. بقلم المهندس الياس قومي
» قصيدة بعنوانْ: ملوكُ الخُرافة....أُمي أجملُكم...شعر اسحق قومي
» بمناسبة عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية.اسحق قومي
» شوارع الحسكة في ليلة الميلاد - زينة شرفات المنازل
» تحية من القلب للشاعر اسحق قومي. بقلم المهندس الياس قومي
» قصيدة بعنوانْ: ملوكُ الخُرافة....أُمي أجملُكم...شعر اسحق قومي
» بمناسبة عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية.اسحق قومي
» شوارع الحسكة في ليلة الميلاد - زينة شرفات المنازل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى