الإنسان ووحدة الوجود في فكر ابن عربي.نقلاً عن إيلاف
صفحة 1 من اصل 1
الإنسان ووحدة الوجود في فكر ابن عربي.نقلاً عن إيلاف
(اسحق قومي عندما قال في السبعينات من القرن العشرين الماضي:أنا في الوجود والوجود فيَّ ويبقى وجودي الواعي هو الأهم.أنا الكون والوجود والوجود أنا).عندها يذكر كيف أمطره أترابه بفلسفاتهم على أنه يتخذ من الأفكار الغريبة ملجأً ويتبناها مما يبعده عن الله(بحسب تعبيرهم يومها).
الإنسان و وحدة الوجود في فكر ابن عربي
مروة كريدية
GMT 13:30:00 2010 الأحد 2 مايو
نقلاً عن موقع إيلاف
كتبت مروة كريدية: "إني نظرت إلى الكون وتكوينه فرأيت الكون كله شجرة وأصل نورها من حبة "كُن"....فإذا نظرت إلى اختلاف اغصان شجرة الكون ونوع ثمارها علمت ان أصل ذلك ناشئ من حبة "كن" بائن عنها " [1]
ابن عربي [2]
إن مسألة كونيّة الانسان ووجوديته، وعلاقته بالكون والكائنات، تجد لها تفسيرا رائعًا عند الكثير من مفكرين والفلاسفة القائلين بنظرية "وحدة الوجود" وان كان لكل واحدٍ منهم أدواته ومرتكزاته الفكرية ومنطلقاته البنيوية التي استند اليها، إلا أنّ مسألة كهذه تبقى رهن "الذوق الفطري" للانسان وان تراءت لنا من خلال نتاجات شريحة كبيرة من الفلاسفة وحتى الأدباء؛ ومنها كتابات أفلوطين[3] القائلة بالفيض والصدور من خلال نظريته "التدرج الكوني " الذي يفيض عن الواحد كثرة وينتهي بالانسان،ثم عودة هذا الانسان في تجاوزه للكثرة الظاهرة إلى الأصل الواحد " [4]
وينسب بعض المتابعين انعكاسات هذه النظرية في مفهوم وحدة الوجود عند ابن عربي الذي يُعد المحور المركزي الذي يدور عليه مذهب الشيخ الأكبر؛ يقول أبو العلا عفيفي "ان فكرة الوحدة تستولي على قلب ابن عربي فيفسر بها كل شيئ في عالم الوجود"[5]
§ مَنعًا لأي لَبس، وحدة الوجود ليست الحلولية :
كثيرا ما يلتبس مفهوم وحدة الوجود عند الناس وحتى عند بعض المثقفين الذين يترجمون "وحدة الوجود" بالمصطلح الغربيPantheism وهو مذهب الحلولية وفي ذلك غلط كبير.
ويشير الباحث ديميتري أفييرينوس[6]بالقول :"كثيرًا ما التبستْ مذاهبُ المشرق الباطنية جميعًا (كما وبعض مذاهب الغرب) على الباحثين الغربيين "البرانيين" (وعلى "المتغرِّبين" من أبناء الشرق أيضًا) بمذهب الحلولية pantheism. غير أن الحلولية لا تصادَف في الواقع إلا في حالة عدد من الفلاسفة الأوروبيين وبعض الشرقيين ممَّن تأثروا بالفكر الغربي في القرن التاسع عشر؛ فالحلولية نشأت عن النزعة الفكرية عينها التي تفتقت، أولاً، عن المذهب الطبيعي naturalism، ومن بعدُ، عن المذهب المادي materialism الحديث.
يقول سيد حسين نصر: أما ما أغفله النقاد ممَّن يتهمون الصوفيين بـ"الحلولية" فهو الفرق بين التوحيد الذاتي بين الوجود الظاهر ومبدئه الوجودي وبين عينيَّتهما واستمرارهما الجوهري. وهذا المفهوم الأخير مُحال عقلاً، ويتناقض مع كلِّ ما قاله محيي الدين والصوفيون الآخرون في خصوص الذات الإلهية."[7]
إن الحلول Pantheismمعناه امتصاص المبدأ في تجلِّياته بحيث يصبح لمكوّن أسير كائناته؛ وكأنه هي هو من كل وجه في حين أن وحدة الوجود تترجم Unity of Being[8] التي تختلف اختلافاً كليًّا عن عقيدة الحلول، وإن وجدت بين كلا النظريتين نقاط مشتركة.
يقول نهاد خياطة : "النظريتان تتقاطعان عند اعتبارهما أن الله والعالم كينونة واحدة، وتتفارقان من حيث إن عقيدة الحلول تنفي ثنائية الحق والخلق، على حين أن وحدة الوجود التي قال بها الشيخ الأكبر تعترف بثنائية الحق والخلق وتنفيها في نفس الوقت. فهي تحافظ على الثنائية فيما تقول بالوحدة، وتحافظ على الوحدة فيما تقول بالثنائية. أي أنها ثنائية في وحدة، أو وحدة في ثنائية؛ لكنها تمنح الوحدة قيمة مطلقة والثنائية قيمة نسبية."[9]
§ الانسان بين الوحدة والثنائية والكثرة :
يقول ابن عربي بوصفه لآدم الإنسان: انه "الحضرة الجامعة الشاملة لجميع الاسماء الالهية (الكثرة) كما هو جامع بحقائق الأكوان كلها"[10]؛ فابن عربي يميز بذلك بين الحضرة التي تنتمي للغيب المطلق وبين الحضرة الهية التي تتجلى من خلال الكائنات والأسماء الكثيرة التي لا حصر لها .
"و حضرة الواحدية، هي الحضرة (أزلية الآزال) الأولية المطلقة التي لاتعدد فيها(الوحدة)؛ اما "الأزلية الالهية فهي متعددة بتعدد الأسماء والأسماء لا تحصر كثرتها " [11]
والحضرات عند ابن عربي خمس[12] هي:حضرة الغيب المطلق وعالمها عالم الأعيان الثابتة في الحضرة العلمية؛ وحضرة الشهادة المطلقة وعالمها عالم الملك؛ وحضرة الغيب المضاف وعالمها عالم الأرواح الجبروتية؛ وحضرة الملكوت وعالمها عالم النفوس المجردة والعقول؛ وحضرة الإنسان الجامع وهي الحضرة الجامعة للحضرات الأربعة.
أما عن مفهوم الثنائية في الحياة فيقول في حوار مفترض بين اثنين:
"من سرائر معلوم الكونين والصورتين...صورته له وجهان ... يابنيّ (الانسان) انت جامع القبضتين....وحامل الصورتين..."
- فاخبرني عن السر الذي يرد المعادن الى معدنين ..
"ان الأشياء المنفعلة انما تبعث من فاعلها على حقيقة وجوده في الأعيان، و أبْيَن ما يكون ذلك في الانسان "
- وعن الامر الذي يرد المعادن الى معدنين
"الامر موقوف على معرفة الحكمة "[13]
هذا الحوار يكشف ان الخبرة العرفانية المؤدية الى معرفة الحكمة هي السبيل لفهم المتناقضات والعلاقة المتفاعلة بين الوحدة والكثرة ؛"إن بسط العلاقة بين اللامتعيِّن والمتعيِّن، كواقع من وقائع الخبرة العرفانية للحقيقة، يعيِّن البنيان الكلِّي لوحدة الوجود: فهي مذهب خاص يقوم على رؤيا إلهية يختبرها الصوفي بوصفها التفاعل بين الوحدة والكثرة."[14]
لذلك فإن الشيخ الأكبر يُعلق أمر كمال الانسان بوصفه جامعًا لحقائق الأكوان كلها من خلال روحانيته ، ويقول "مقتضى الزوجية (الثنائية) إثبات الشيئ باللون (بالنوع)، ومقتضى الروحية (عدم التضاد) إيجاد الشيئ بالكون (بالوحدة) . "[15]
وان الانسان الرائي المستنير هو ذاك القادر على ردّ القسمة والكثرة الكاثرة الى وحدة، وان تمام المقام الإنساني اي تحقيق الانسانية الكاملة، يكون عبر التآم المقسوم المتبلور في الثنائيات "الزوجية" التي هي صفات عارضة لتحقيق الوحدة الكامنة في الجوهر؛ ف"الزوجية في الأجناس والفردية في الجواهر"[16] كون جوهر الاجناس واحد و كل موجود هو تجلٍ للواجد . ف"الروح في النور جوهر لا يتجزّأ " {وهو الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً}[17] "مورد القسمة (الكثرة) هي النفس الواحدة (الوحدة)".
و"الواحد هو مُفتتح العدد، ذو الوجه الباقي وكل شيئ هالك الا هو؛ الواحد يُعبر على الأعداد فيهلك كل شيئ دونه " [18].
و"كل موجود له عينه الثابتة في الأزل يظهر وجوده الخارجي بمقتضاها"[19] فالعالم ليس سوى تجلي الحق في صور الأعيان الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه وفق رؤية الشيخ الأكبر.
يشير ديمتري أفييرينوس في مقاله حول "الرسالة الوجودية عند ابن عربي": "إن الأحدية التي تغيب فيها الكثرةُ الكونية أو تنعدم لا تتناقض البتة وفكرةَ عدد غير محدود من مراتب الوجود: فهاتان الحقيقتان، على العكس، وثيقتا الصلة إحداهما بالأخرى. وهذا ينجلي بمجرد أن يُنظَر في الكمال الإلهي "من خلال" كلٍّ منهما: إذ ذاك فإن الكامل، إنْ صحَّ التمثيل، "يضيق" أو "يتسع" بحسب ما يُنظَر إليه إما في تعيُّنه المبدئي، أي الأحدية الذاتية، وإما في انعكاسه الكوني، أي طبيعة الكون الذي لا تنضب تجلِّياتُه ولا تنفك تتعيَّن. يدل على ذلك قول الشيخ الأكبر:
خالقَ الأشـياءِ في نفسـه * أنـتَ لِمَــا تخـلقُـه جـامــعُ
تخلقُ مـا لا ينتهـي كونُـه فيـ * ـك فأنـتَ الضـيِّقُ الواسـعُ"[20]
****
[1]محيي الدين ابن عربي ، رسالة شجرة الكون، تحقيق رياض العبد الله ، دمشق ، سوريا،1985، ص 41- 45.
[2]محيي الدين أبو بكر محمد بن علي، المعروف بالشيخ الاكبر ابن عربي، ولد في مرسيه بالأندلس1165م وتوفي في دمشق1240م، ويعد الشارح الأكبر للتصوّف وصاحب نظرية وحدة الوجود في الفلسفة الاسلامية.
[3] أفلوطين Plotin وُلد في ليكوبوليس أسيوط اليوم في صعيد مصر عام 205. ومات بروما عام 270 بعد الميلاد. توصف فلسفة أفلوطين بأنها تأملية ويرى ان العناصر الدنيوية ما هي الا صور لمثيلها الحقيقي الأعظم والأسمى.
[4]أفلوطين، التساعية الرابعة، في النفس، تحقيق ودراسة : فؤاد زكريا، الهيئة المصرية للكتاب ، القاهرة ، مصر ، 1970 ، ص 27 – 28 .
[5]محيي الدين ابن عربي ، الفتوحات المكية ، مقال أبو العلا عفيفي، ص167.
[6]ديميتري أفييرينوس،الرسالة الوجودية لابن عربي ، دراسة، سماوات،30 اكتوبر 2009.
[7]سيد حسين نصر، ثلاثة حكماء مسلمين، ترجمة صلاح الصاوي، مراجعة ماجد فخري، دار النهار، بيروت، لبنان ، 1986، ص 138.
[8]بعض المعاجم والموسوعات تترجم مصطلح وحدة الوجودPantheismوفي ذلك خطأ فيرجى التنبّه للأمر أثناء البحث والدراسة والافضل اعتماد ترجمة وحدة الوجود: Unity of Being أو بالفرنسية Unicité de l’Être.
[9]نهاد خياطة، التصوُّف الإسلامي بين وحدة الشهود ووحدة الوجود، دراسة ، معابر، الاصدار الثالث ، الربع الثاني من عام 2001 .
[10]محيي الدين ابن عربي، كتاب: نسخة الحق، مجموعة رسائل ابن عربي ، الجزء الأول، تحقيق: سعيد عبد الفتاح ، دار الانتشار العربي، بيروت 2001 ص 273
[11]محيي الدين ابن عربي، رسالة أسرار الذات الإلهية، مجموعة رسائل ابن عربي، المرجع السابق ، ص 199 -200 .
[12]سعاد الحكيم، المعجم الصوفي، الحكمة في حدود الكلمة، دندرة للطباعة والنشر، بيروت ، لبنان ، ط1 ، 1981
[13]محيي الدين ابن عربي، كتاب شق الجيب بعلم الغيب، مجموعة رسائل ابن عربي ، تحقيق سعيد عبد الفتاح ، مرجع سابق، ص : 322 – 325 .
[14]ديميتري أفييرينوس، حكيم المشرق والمغرب، مقدمة موجزة لدراسة حياة الشيخ الأكبر ومذهبه، سماوات، 3 سبتمبر 2009 .
[15]محيي الدين ابن عربي، كشف سرّ الوعد وبيان علامة الوجد، رسائل ابن عربي، شرح مبدأ الطوفان، تحقيق: قاسم محمد عباس، حسين محمد عجيل، منشورات المجمّع الثقافي ، ابو ظبي ، الإمارات ، ط 1 ، 1998 ص 342
[16] المرجع السابق نفسه، ص 258 .
[17]سورة النساء، الآية 1 .
[18]محيي الدين ابن عربي ، المقدار في نزول الجبّار، رسائل ابن عربي، المرجع السابق نفسه ص 265 .
[19]محيي الدين ابن عربي، فصوص الحكم ، تحقيق وشرح أبو العلا عفيفي ، دار الكتاب العربي، ط2 ، 2002 ص : 23 – 61.
[20] ديميتري أفييرينوس، الرسالة الوجودية لابن عربي، المرجع السابق المقال نفسه.
نقلاً عن موقع إيلاف
اسحق قومي
كما قال ابن عربي بالإنسان الكامل....ولكنه أخطأ في من أسقط عليه هذا المفهوم ولنا بحث يُعالج ذلك في (تطور المفاهيم الروحية والدينية والعقلية والدعوات المضللة).اسحق قومي
مواضيع مماثلة
» الوجود الكردي في فلسطين...نقلاً عن موقع كردي
» خضير طاهر كتب في إيلاف أطالب أن يكون رئيس العراق مسيحيا....
» إشكالية الوجود المسيحي في الشرق...بقلم اسحق قومي
» يهود مصر....نقلاً عن اليكوبيديا
» من كتابنا ابتهالات لمن خلق الوجود....اسحق قومي
» خضير طاهر كتب في إيلاف أطالب أن يكون رئيس العراق مسيحيا....
» إشكالية الوجود المسيحي في الشرق...بقلم اسحق قومي
» يهود مصر....نقلاً عن اليكوبيديا
» من كتابنا ابتهالات لمن خلق الوجود....اسحق قومي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى