إسحق قومي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

علي الأعرج....قصة إلى الطفل واء..واء..حجر...عبد الأحد قومي

اذهب الى الأسفل

علي الأعرج....قصة إلى الطفل واء..واء..حجر...عبد الأحد قومي Empty علي الأعرج....قصة إلى الطفل واء..واء..حجر...عبد الأحد قومي

مُساهمة من طرف اسحق قومي الأحد يوليو 13, 2008 5:53 am

[color=red][size=24][center][b]
القصة الخامسة:

علي الأعرج

إلى الطفل…واء…واء…حجر
معتقلْ:
في ساحةٍ غارقةٍ بصمتٍ ثقيلٍ .ومع شروق شمس الصباح المخيفة…،جدرانٌ مهترئةٌ من ضحكاتٍ مزقتْ سكونها
الأبلهْ…،وقفتُ كانت الخنازيرُ تحيط بي، جاء صوت أحدهم بطيئاً يرتجفُ:ـ علي الأعرج أنتَ ؟أليس كذلكْ؟!
تدفقتْ في ذاكرتي آلاف الأجوبةِ المتزاحمةِ بقوةٍ نحو الامتناعِ عن الرد.
ـإذن أنتَ هو…خنزيرٌ ضخمٌ يحملُ مسدساً قصيراً باهت اللون،بدأ يحشوهُ بطلقاتٍ قليلةٍ.
ـ علي الأعرج ابن الكلب ليس بحاجة لموتٍ بروتوكولي:إغماض العينين.تقييد اليدين،عددٌ كبيرٌ من الرماة…
تلفظ بذلكَ الخنزيرُ المعبأُ بسروالهِ الضيقْ، الغارقُ في خوذته اللامعة…أقدامي المغروسة في ساحةٍ ممتلئةٍ بنفاياتٍ،
أصابعي العشرون الذاهبة صوب اللاجهات تريدُ الامتدادَ أكثرْ…صدري المطرز بذرات ملحٍ،هدوءٌ غريب،
لفافتي التي كنتُ أعبُّ منها دُخاناً وحقداً وموتاً، تحترقُ ببطءٍ…،تحترقُ بثقةٍ مطلقة.
**راوٍ:
تفوه…بصقَ علي الأعرج بتوقيتٍ محددٍ لحظة الضغط على الزنادِ من قبل الخنزير الضخمْ،كانتْ بصقةُ عليٍّ
هي تعبيره الوحيد منذ عشرة أيام خلتْ، مع الطلقةِ الوحيدةِ…أخذا عليٌّ يتذكرُ كلَّ الأشياءِ دفعةً واحدةً…
المسافةُ سبعة أمتارٍ فقط لا تكفي لاستعادة شريطٍ من الذكرياتِ بالنسبةِ إلى إنسانٍ عادي لكن بالنسبة إلى عليٍّ
تكفي أو تزيدْ…القريةُ المتربعةُ على كتف تلٍ عامرٍ بالليمون، الأرض المسيجةُ بالموت والأطفال هناك كما يقولون،
بدرية، الطفلُ الآتي، الأصدقاء، الخنادق،الخروج،الدخول، والخروج من الدخول الجديدْ،الباعة تزين،قصفٌ في
عاصمة
بدرية التي كانت تمانعُ دوماً في الليالي الدافئة وتسارع بطلبها في الليالي الباردة…الأشجار المترنحة بهدوءٍ مَيِتْ على
جانبي الطريق المؤدية للمعتقلْ،الرجال المكتظون بدهون محشوة بالقرفْ،رائحة الخمرة المنبعثة من شاربي الخنزير
الضخم.
هامش أول:
(سقط علي وحيداً، تفوه…عَجَّ الجو بها…غبار…جنائزية تمهر المكان…تفوه)
**مخيم: الصباح المشرئبُ بنور إلهي يغمرُ المخيم، المخيم استيقظ على غير عادته هذا الصباحْ، زحامٌ…جموعٌ تتدفق
باتجاه بيت علي الأعرج…، الأشجارُ أكثر اخضراراً…الأضواء المنبعثة من النوافذ الضيقة أكثر إِصراراً على
الانتشار.بسمات بدرية وهي تتأرجح بين النسوة اللواتي كنَّ يصرخن بنشيجٍ مكتوم، طفلها المحمول في بطنها
الممتلئة والمستديرة كقرص شمسٍ ربيعية.نبضات، حركات، لهاث، صرخات مخنوقة.
ـ القبر جاهز، نحنُ بانتظار الفارس. ـ هناك إجراءات قبل الدفن.قال: ذلك أبو علي الأعرج بهدوءٍ مصطنع،
شفاهٌ تقضم بعضها، غيظٌ يشق ملاحم الوجه المعروق.أصابع راحت ترسم رثاءً يليقُ…بعليٍّ…الذي…قُتِلَ.

***التوقيع:
سيارة عسكرية أخذت تعتلي صدر الطريق الصاعدة نحو البيت، وحيدة تسير بموت لانهائي، عيون السائق تضيق
بأكوام البشر، الأيدي تخترق سماء المخيم، أرجل تدق بعنف في حجارته،سمرت الأجساد، ببطء انسلخ السائق من
مقوده…نزل…، خطى، نحو الباب الخلفي لسيارته،حاول الكلام ، تلعثم، ارتجف…أقدامه لا تقوى على الحركة،
لسانهُ عُقِدَ عن النظرات المكتومة والمغلفة بشمعٍ أحمرْ، التابوت مغطى بقماشة ألوانها لا تزهو.لم يوفقوا بانتقاء لون
القماشة.هكذا تقولها وببساطة،ورقةٌ صفراء بليدة مدّها السائق لبي علي الأعرج.دفعها أبو علي.وبدوره لأحد
الشباب،قرأَ فيها (عليكمْ دفن الجثة بأسرع وقت، يمنع الإطلاع على محتويات التابوت)
التوقيع:حكومة تُدعى أنها عربية.
بحركات عصبية شقت الأيدي حديد السيارة العسكرية الناشف، التابوت يرتفعُ…صوت يتعملق…هتاف…
أهازيج، البيوت تصرخ بجنون،النوافذ الضيقة اتسعت، الأشجار تطاولت…أسدلت أوراقها،بدرية تمددت كشارة
ضوء نابت من المستحيل بحنان،أبو علي يدفع نفسه إلى أمام …السائق تحت الأقدام كجرذٍ هاربٍ من مرحاضٍ
بخجلٍ،الأقدام تمزق الصمت اليابس كوجه الخنزير الضخم.
***تفوه:
الجموع تحاول السير بالتابوتِ نحو القبر الجاهز في المقبرةِ،صراخ،يموت الصمت وحيداً،فجأةً، صمتٌ يركل في
الحناجرِ،يشرخ الصمت،الجموع لا تتحرك،أفكارٌ متدفقة في رأس بدرية،يرقص طفلها المحمول في بطنها الممتلئة
والمستديرة كقرص شمسٍ ربيعية،
ـ التابوت يرفض الذهاب إلى المقبرة،تتسمر أيدي حامليه، يحاولون التقدم يفشلون، يرجعون قليلاً،التابوت يسير
نحو الخلف،يموت الصمتُ وحيداً، يحاولون التقدم مرّة أخرى، التابوت لا يسير باتجاه المقبرة…صمتٌ مطبق.
التابوت يتألق بزهو أنثوي غريب، صُراخُ الأطفال…طلقات تمزق سكون المخيم، الأشجار تنحني، الأضواء المنبعثة
من النوافذ الضيقة تندثر أمام إشراقات الشمس الأولى…،النور يركل في زوايا العيون المعبأة بالشوق،
(التابوت يحمل جثة علي).يرفض أن يجبل بترابٍ يتسع لكلِّ القتلى.ينزل التابوت، يمزق العلم الباهت الألوان،
أخشابه تتناثر، جسدٌ ممددٌ، وجه علي الباسم، تدويرة شفتيهِ وهي تنطق تعبيره الأوحد منذ عشرة أيام خلت.
(تفوه)تدويرة شفتيه المبتسمة القاسية لازالت تحتفظ بماهيتها،عيناه المفتوحتان،تكتبان عشقهُ المترامي أكثر من حدود
دولةٍ حاقدة، أصابعهُ المنتشرة، بكل الجهات، رائحة عطره،مسك ينبعث منه، الجثة.علي لمْ يُقتلْ، صاحت عجوز،
علي قُتلَ ردت أخرى، الطلقة في القلب.طلقة واحدة، الرامي حاذق،الرامي خنزير ضخم.نشاهد على
صدره. القلب ينبضُ…لا…القلب لا ينبض.علي يملأ المخيم عويلاً.
***المجيءْ:يقتل الصمت، الجموع تسير باتجاه المقبرة، بدرية تتأرجح، أبو علي ثابت كالطود.عيون تتكسر،
حفرتان تتسعان بتوقيت محدد.حفرة القبر وحفرة بدرية الأم الناصعة،يتباعدُ تراب حفرة القبر، تبعثر التراب،
يحاول الحفارون لمَّ التراب ،ينفلت، شاهدات القبور القديمة تخرُّ تحت الأقدام المتدافعة،رشقات من بنادق أضناها
السكوت
والبعد عن الجبهات.الجثة في الحفرة المتسعة أبداً،الحفرة الأخرى تتسعُ، الرجال يتساقطون يتكومون، بدرية تحت
الكومة البشرية.
***هامش 2:
(على أثر انفجارٍ هائل تساقط البشر، لقد وضعت متفجرات بكميات هائلة في جثة علي الأعرج ولكن…)
***هامش مهم جداً:
بعد الانفجار، صمت المكان…وبألق كوني مدهش شق هذا الصمت صراخ صوت الطفل المولود من الحفرة
الأخرى،ملأ الكون بالأقحوان والفراشات وأزهار المانوليا…وما زال صوت يعلو قليلاً قليلاً…
واء…واء…واء…ح…ج…ر.
****
عبد الأحد قومي.
الحسكة فرع الشبيبة











]
اسحق قومي
اسحق قومي
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 835
العمر : 75
الموقع : https://alkomi.yoo7.com/profile.forum
العمل/الترفيه : معاقرة الشعر والأدب والتاريخ والإعلام والسياسة
المزاج : حسب الحالة
تاريخ التسجيل : 13/06/2008

https://alkomi.yoo7.com/profile.forum

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى