ماذا كتب الشاعر المهندس الياس قومي عن أخيه اسحق قومي
صفحة 1 من اصل 1
ماذا كتب الشاعر المهندس الياس قومي عن أخيه اسحق قومي
مواسم الرجال
تحية من القلب للشاعر الأستاذ اسحق قومي
الحقيقة مثل الشمس تحتاج دائما لمن يمسح جبهتها
الياس قومي
مررت على دياركم، وقفت على بواكير الكروم، بخّرتني حورياتها، فعطّرتني ولأقضي بعضا من الوقت وأنال قسطاً من الراحة وأتنقلُ بين الدوالي التي رويتموها عصارات من جهدكم وبنات أفكاركم.
فمرحى لهذا الصدر الذي ما زال يتسع لكل المراكب والموجعين، وليستق كل العطاش المتبصرين للكلمة بداية الخلق والتكوين.
مباركة هي بيادركم، غلال وافرات، وأكداس خالدات باقيات، والسارية العنيدة رغم كل العواصف العاتيات.
أعادتني وأنا أقطف اليانعات من الثمار لأيام الطفولة ونحن نحرسُ المقثى تحت خيمة صغيرة تقينا شمس تموز.
كم كنا نلهو على سفح التل لنستقبل بعضا من الهواء عند الظهيرة، أو نسوي تلك الجادة بأقدامنا وأيادينا النحيلة، نزيل القلاّع والعوسج والصبّار.
وها هي الخمسون مرّت، وبرغم كل الصعاب، ما زلنا على ذات الطريق، نمهّد أمام النفوس عسى أن تحب الخالق ولتجد فيه لها موئلا ً، ولتصادق المخلوق ولترى فيه رفيقاً ومؤنساً من وحشة وعثرات الزمان.
نعم يا ابن أمي وأبي.. يا توأماً سبقني إلى الوجود، لكن وما زلت مصراً إننا معا بذات المشيمة وجدنا، لكن يومها، عند المخاض اركلتني الداية ، ولتعلن عن قدومك للوجود دون أن تدري أنك الوجود بعينه.
أما أنا الجزء الآخر من التوأم ولأظل لعامين كاملين سجين رحم والدتي.
نعم، واليوم وها هي المحيطات تفصل بيننا، وبعض من أحبتنا قد سبقنا إلى جنات الخلود، إلى فراديس النعيم ( عبد الأحد ونجاح وفريدة).
لكنها خسئت لم تفصل أرواحنا، صبح مساء نسير معا، نتحدّث سوية، نقرأ من خلال ما تردنا من إشعاعات فوقية غير مرئية كل عذابات البشرية، وأفراحها، إن كان قد تبقى لديها مكان للأفراح، نتصفّح ما دوّنته الأيام من دروس وما حبلت به الشهور والآكام من عبر، ونتطلع لكل التقاويم والفصول ونحرق كل ما تجمّع من ضغائن وأشواك خارجا في بطون الوديان.
نعم، ما أصغرها من مسارات، يا لقصرها، وهل حقا إن تغمض عينيك لم يعد لهذا الوجود من معنى. لا، لن تلحق بنا لا تلحظنا ونحن نحلّق سوية نتنسم عبير دمشق الفيحاء وأيام الجامعة، كم كانت رائعة، دمشق قبلة العالم، منذ بدء الخليقة، صانعة التاريخ قبل الرجال، نحلّق فوق بيروت وحلب، أوتذكر الحمداني يوم وقفنا نريد ان نتحد بتمثاله الشامخ يوم أرسلنا والدنا رحمه الله لزيارتها بعد أن نجحنا في الثالث الإعدادي، أتتذكر الكتب التي اشتريناها يومها، علمنا بما يسمى بالأدب الجاهلي، ولم أدر لمَ يسمّى كذلك، رغم كل الأشعار والمعلقات وسوق عكاظ والأشهر الحرام، رغم كل ما تعنيه من دلالات على حالة التقدم والمدنية والحالة الاجتماعية والثقافية، وكتّاب الأدب ومدرسو اللغة يعلمون جيدا أن لا أثر للجاهلية في تلك المرحلة حتى على المستوى الديني فكانت النصرانية قد انتشرت وكانت اليهودية قد سبقتها في الإنتشار وعبادة الإله الواحد "الله"، وما الأسواق التجارية والصناعية التي وجدت يومها إلا خير برهان على مدى التقدم لدى شعوب تلك البقعة الغالية على قلوبنا.
ونستمر في الرحيل على حدائق باريس وستوكهولم وبرلين، ولنقف في شوارع منهاتن، كم من مرة أطلنا النظر من فوق السفينة لتمثال الحرية، كم هي جميلة حدائق تامبا في فلوريدا Bush Garden ، نستظل بأشجار الكينا في شوارع الحسكة مدينتنا، على أرصفة شارع فارس الخوري، نرشف القهوة العربية على ضفاف نهر سان لوران في مونتريال، نطهّر ذواتنا بمياه الخابور الذي سيبقى يزهر فينا، تماما كما في بوادينا. ولننام على سقف بيتنا في تلك القرية التي تغفو على صدر "تل جميلو".
خسئت أيها الزمن، كم حاولت جاهدا إبعادنا، اقتلاعنا من جذورنا، وها نحن في الغربة، تقسو بنا إلى أن أصبحنا بقايا من لظى ورماد.
نعم يا أبن أمي وأبي: أتتذكر أيام الطفولة، أيام عطلة عيد الميلاد، أجمل أيام السنة، خمسة عشر يوما ما بين الشموع والأجراس والتراتيل والشواء والشعراء والأهل والجيران والأصحاب. كلنا في بيت واحد رغم كل الصقيع والبرد كان الأكثر دفئا والأكثر امنا لنا جميعا، وما زال في صدري إلى اليوم بعض من دفئه.
شقيقي الأكثر من شاعر، والوعاء الأكبر من أديب، والتاريخ الذي احتضن المؤرخين، وصاحب دراسات تجاوزت علم الإجتماع والفلسفة. اعط مجدا لله يا سيدي.
وأنا الذي عهدتك منذ تلك الأيام في المرحلة الإبتدائية، وأنت تقف أمام التلاميذ تلوّح بيدك اليمنى وتنشد أبياتا من الشعر وما كان يسمى الإستظهار في ساحة مدرسة البحتري للسريان الأرثوذكس في الحسكة.
لكن والحقيقة يجب أن تقال، ومنذ سنوات بدأت تحلّق بعيدا عن السرب في سماوات جديدة وأرض جديدة، لن أعدد ما لديك من دررعظام وقصائد حقا رائعات، لكن أقول هنيئا لكم يا أهل مملكة الحب والنهار، هنيئا لكم بمن استطاع وعن جدارة ان يكون ملك الحب والنهار.
وعم صباحا يا أيها الوطن، ها هم بنوك بك ولك يشمخون في ذرى العلياء، والبذور التي زرعتها في مطلع النصف الثاني من القرن العشرين ها هي اليوم ورافة الظلال، ولو يعلم رحمه الله والدنا ذاك الشاعر من دون أن يتعلم أو يدري ما هي بحور الشعر، لو يعلم والدنا الشاعر كيف أصبح لإبنه البكر كل هذه الفضاءات، كيف راح الشعر ينساب على شفتيه وليعطّر أرجاء المعمورة.
نعم يا أبتاه، ها هو بكر لبحور جديدة ومن قال لا.
نعم هبوبا هبوبا يا سيد القامات، لديار الأباء والأجداد، أرض الحضارات والأمجاد وكم في ثراها من عظائم النفوس وعظامها، وإن كانت ذاكرة التراب لم ينبشها أحد بعد، إلا أن ذاكرة الشعوب والوعاء الحقيقي لكل حركاته وسكناته، هي الأقوى والأجدر، كم في ثراها ولزمن ليس بقليل عقود وعقود، عاش رهبان وآباء اتخذوا من مغاور الجبال، وشقوق الصخور لهم معبدا، ابتهلوا لخالقهم فأغنوا بكتاباتهم وترجماتهم، وكانوا بحق أثداء ترضع البشرية وليكونوا ركيزة لتاريخ حضارة ما زالت عامرة حتى اليوم.
نعم يا أيها القادم من جبال طوروس، من سهول كيليكية والجزيرة الخضراء، من قلعة النسور وقراها، نعم يا أيها القادم من الأرض التي تفيض لبنا وعسلا. وهل من بعد ليستغربن أحد لما تكتبه أو تفوح به يداك.
وهنا و من بعد رحلتي على نتاج مواسمكم لا بد لي من أن أسجل كلمة شكر ومحبة للقامات التي أرادت العبور إلى دياركم ومن خلف الأفق لأنهم أحبوك بصدق، فعبروا بعد أن منحتهم حق الدخول حيث لا عتمة ولا خوف بل حب ونور.
لا تستغربن فأنتم الحادي وإن عدونا من خلفكم، لاهثين، نحاول، نسقط، نجرّب الوقوف إلى جانبكم، فإذْ أنتم الأسمى، وإذ ْأنتم الأجدى، وإني بكم لأتفيّأ يا سيد القامات الكبار.
ودمتم
أخوكم المهندس الياس قومي
TEL:00450/978/9682
ELIAS KAWMI
4128/
AVE.LOVIS _PAYETHE
CHOMEDEY _LAVAL.QUEBEC
H7t1z1
CANADA
عدل سابقا من قبل اسحق قومي في الجمعة يوليو 25, 2008 7:53 am عدل 2 مرات
أخي وصديقي الشاعر المهندس يابن أمي الياس...أبا نزار....اسحق قومي
عندما جاءت إليَّ رسالتكم..وقرأتُ ما جادت به قريحتكم .....لم أملك نفسي ....فرحتُ كطفل ٍ قروي لعِبَ بالتراب صيفاً فلم يعد ينام لأن عينيه اصبهما الرمد...حلمتُ أنني بين تلك الملاعب وما أكثرها يا صاح ِ...
هي فسحة وفضاءات ..هي عمر وسنين...هي أنشودة فلاح ٍ بعد الغياب...أو مسافرٍ يؤوب بعد أن طال سفره...هي موطن كانت تملأه فقاعات الصابون وهي تظن أن الجذور لاتنبت ولو بعد مليون عام.
هي مقولة قلتها منذ زمانٍ ..أنا قادم إلى المحرقة ومن رمادي سيكون النشيد القادم...يُشاركني في رحلتي هذه الحبيب المسافر بدون رجوع ٍ _إلاّ في قصائده._..الحبيب عبد الأحد قومي......
أشكرك يا أخي أبا نزار لأنك استطعت أن تسيل مني الدموع.....
مع مودتي
أخوكم اسحق قومي
ألمانيا
24/7/2008م
هي فسحة وفضاءات ..هي عمر وسنين...هي أنشودة فلاح ٍ بعد الغياب...أو مسافرٍ يؤوب بعد أن طال سفره...هي موطن كانت تملأه فقاعات الصابون وهي تظن أن الجذور لاتنبت ولو بعد مليون عام.
هي مقولة قلتها منذ زمانٍ ..أنا قادم إلى المحرقة ومن رمادي سيكون النشيد القادم...يُشاركني في رحلتي هذه الحبيب المسافر بدون رجوع ٍ _إلاّ في قصائده._..الحبيب عبد الأحد قومي......
أشكرك يا أخي أبا نزار لأنك استطعت أن تسيل مني الدموع.....
مع مودتي
أخوكم اسحق قومي
ألمانيا
24/7/2008م
مواضيع مماثلة
» قصيدة بعنوان:دينٌ عليَّ يادايانا أنْ أوفيه ِ...للشاعر المهندس الياس قومي
» قصيدة الموت بالمجان.للشاعر المهندس الياس قومي في رثاء أخيه عبد الأحد
» من كندا ومن مونتريال جاء إلينا الشاعر المهندس الياس قومي...فأهلا به بيننا
» من كندا ومن مونتريال جاء إلينا الشاعر المهندس الياس قومي...فأهلا به بيننا
» قصيدة مُهداة إلى أخي الشاعر الياس قومي...اسحق قومي
» قصيدة الموت بالمجان.للشاعر المهندس الياس قومي في رثاء أخيه عبد الأحد
» من كندا ومن مونتريال جاء إلينا الشاعر المهندس الياس قومي...فأهلا به بيننا
» من كندا ومن مونتريال جاء إلينا الشاعر المهندس الياس قومي...فأهلا به بيننا
» قصيدة مُهداة إلى أخي الشاعر الياس قومي...اسحق قومي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى