من كندا ومن مونتريال جاء إلينا الشاعر المهندس الياس قومي...فأهلا به بيننا
صفحة 1 من اصل 1
من كندا ومن مونتريال جاء إلينا الشاعر المهندس الياس قومي...فأهلا به بيننا
الياس قومي
من هذا الشاعر والأديب والمهندس القادم من رحم الأحزان؟
القادم من عطاءات الجزيرة الخضراء، التي تفيض لبنا وعسلا
القادم من مدينة الحسكة، من ضفاف الخابور.
أحنُّ لصبٍّ سقاني سُلافا
بأرضِ الجزيرةِ ناصي الجبين
ويوم لعبنا بضفةِ نهرٍ
نسامر فيها بموج لجين
أحنّ لهندٍ وما هي هندُ
أحنُّ لخولةَ والظاعنين.
ثم من هو هذا القادم الذي يحمل في صدره تاريخ معاناة طويل وهجرات قهر وعذاب، من ماردين من قرية القصور وعلى أثر المذابح التي جرت في مطلع القرن العشرين والتي وإلى اليوم لم يعطها التاريخ حقها، ولم ينبش أو يمسح جبهتها أحد، وهذا من غطرسة الأقوياء، والمارقين، يهاجر الأهل وليحط بهم الرحال على ضفاف نهر الخابور.
ولم يكتمل جيل وإذ بالهجرة الثانية، نحو بلاد العم سام، بحثا عن قطاف سمين، كما كانوا يقولون. فحط بهم الرحال ثانية في مونتريال عام 1994 بلد الصقيع والثلج، والشمس التي تكاد لا تظهر
فتبدأ من جديد عذاباته،
مهَجُ القصائدِ أنجبتنا،
وأناشيدُ القلوب، أوشجتنا،
بالطريقْ
مثل نهرٍ أغدقتنا،
يا رعاكٍ الله يا تلك الديار.
ماما.. ماما.
**
إنما الأرض الغريبه،
أتعبتنا، أتعبتنا،
وسقتنا البعض من طعم العبيد،
وشموساً من جليد
وطبولا من حجرْ.
هل عهدناها مداماً،
فسبانا،
بئسَ أنخاب الغسق
ماما.. ماما
**
نعم لا شيء سوى بقايا من حب تحتضن الصبية في قلب ما عاد سوى رماد ولظى دفين،
فإذ بالإحلام لم تعد سوى أحلام
ويخسر الرهان،
لأني حسبتُ نجوم الصباح تنام،
وأن البلابل والأقحوانْ،
تسافر عبرَ الزمانْ.
فأي زمان هذا الزمان،
...
وإن السنابلَ، وإن الرسائلَ،
تنسى الجبين الجميل،
وإن الحصادَ،
وإن الوداعَ ليرسو في المستحيل.
فيا رحلة العمر،
كيفَ وهذا الشقي
إذا ما تخطى شراع الرحيل
نعم تخطى شراع الزمن، وها نحن نقرأ
*اعترافات من المنفى...
من منفايا أغني
صلاة الصبح..
أبانا وتكرّ السبحة بالآيات.
أبانا يا طالعَ من جذر الآهات.
يا قادمَ من بين الأكبادْ
من أبواب الشمس
يا أرض عروبتنا.
سئمنا من هذا الترحال
تهنا في أصقاع،
صرنا بقايا ورمادْ.
أصلي لأمي عند العصر،
يا أم الدنيا، خذينا،
يا كفني،
يا عرساً لم نخذله يوم دعينا،
يا وطني
يوم وقفت ليلى تستنصر عمرو.
...
يا سيفاً،
يا رمحاً،
يا حارقَ أغصانَ العقمْ
يا ناراً تلتهم امراض العصرْ،
في طلقة فجر..
يا صدراً يحتضن الأبناء،
ويعمدنا بمياه بكر..
ويعمدنا بمياه بكر..
ويظل الشاعر يبحث عن وجوه في هذه المدن
من أنتِ أيتها المدن العجيبة والغريبهْ،
من على جدرانكٍ أبقى الخرابْ،
بغيكِ بات رعونهْ،
يتعرى الصبح لأذناب الكلاب
تلعق الأنخابَ أشباهُ الرجال..
مثل أفعى في البراري
تنتشي فوق الجليدْ،
كل ما فيها مباح، لا عهودٌ، لا مودةْ،
إن انثى الغاب خرسا..
مستحيل.. هذا من صنع الإله.
...
ويستمر في عذاباته، يتذكر.
من بلاد الشرق هاجر،
جاءَ من صدر الحصارة،
فيه دفقٌ من بشاره،
لكن هذا الدخان القادم من عوادم الصناعات، فنال من الأوزون، أصطبغت به كل جدران الحداثة وليعلن عن شيخوخة الغرب، إنها عجوز مترهلة من دون حب، ليعود ثانية إلى حيث الدفء.
رباه أين أشرعةُ الرحيل
إني صبٌ يتداوى بالحنينْ،
ابتليتُ، وبليتِ يا قبابْ
أنتِ مثلي في احتضارْ
كل ما فينا عذابٌ واكتئابْ.
مثل قناديل لم يعد فيها ضياءْ.
وتراتيل الصبايا،
لم تزل فيها مواويلُ شجيّهْ
نستمدُ القوتَ منها
رثةً أصبحتِ أنتِ،
والسحابْ. فوق أجراس الكنائس والقباب
اعذريني تاه من قبل الحساب
وتحل الكارثة في عام 1998 كانون الثاني، كارثة الجليد وإذ بالشاعر يسجل ملاحظاته:
تسافرُ دنياكَ حتى الربيعْ
مثل عشتار يا أمي تزهرين،
تحلمين.. تقطفين شتى أنواع العذاب.
وأنا أتلظى في الصقيع،
احتسي الدفء، يا أمي،
لم يبقَ غير بعضٍ من تراب،
وبقايا من شجرْ،
استبحنَ ساعة غابَ القمر
تحت أقدام الجليد
وهتافٌ من بعيد،
ماذا حلّ بالصغارْ،
وأردّ باقتضاب:
ها هو الركبُ يا أمي
إلى القطب يسيرْ
لم أرَ، فهذه الدنيا تشير
**
يحزن الأديب من هذه النهاية
لا تفزعي. أنتِ يا أماه في حناياك تضوع،
قصص الحب القديمهْ،
خضّبيها بالدموع،
واملأي الأقداح منها،
وانثريها فوقَ هاتيك الربوع
التي غذت وعذاها الشاعر بدمه ودموعه.
نعم الياس قومي بقي مخلصا للأرض التي انبتته، أنجبته، فما من مرة ويتلقى الأخبار ويرد على كل الطغاة الذين يريدون الإيقاع بوطنه وامته، أرض آباءه وأجداده، أرض الحضارة والتاريخ والأمجاد، فيدون العديد من المقالات، واعرباه، والشهداء، من هموم الاغتراب.
الدرس الأخير،
وعندما بدأت شمس فلسطين، ها هو يدون الأجمل ما كتبته يد:
يا بلال،
اصفع بهامتك الرجالْ،
الصبح شعشع نورُه، الليل زال،
واغسل جبينك بالندى، فالنصر لك، لا تنتظر
لا تقتفي قصصَ المحال،
واسرج حصانَك باكراً،
كالنسرِ في قممِ الجبالْ،
فعل السيوف بحدها لا غمدها!
ما بالها تلك النصالْ
عمر الفتى بشموخه،
ما حسبها، السرُ يكمن في السجال.
تلك سرايا العابثين، الشامتين
صرعى مضرّجةَ الجباه،
الصبحُ آتٍ يا رفيقي هل تراه.
وعندما تتعثّر المحادثات، دوّن قصيدة عسر ولادة إلى شمس فلسطين التي لا بد أن تشرق يوما وعما قريب.
يا أيها الصبح الذي قد يجيء ولا يجيء
تعالَ فنحنُ من عاداتنا شعبٌ يسرُّ بكل جديدْ
تعالَ فنحن في انتظارهاتفٍ أو بريدْ
تعالَ ففي كل يومٍ دبابةٌ أو قذيفةٌ تطال الشهيدْ
فيصير شذى وندى بأرضي
ليُسقي الوريد..
إلى أن يقول:
من شوارعي غيّبتْ أكوام الحجارة،
تعال، إني تعبت من ركوب الخيال،
لأني مهما فعلت... ومهما نسيتُ
ستبقى بحكم الزمان جبانا
وتجتاح أرضي رياح الشمال..
تهز النفوس الجبالْ،
ومن تحت هذا الخراب الرماد الدمار،
يولد ألف صبح وطفل ودار،
ويبقى زماننا هذا زمان الخسارة،
ونبقى بكل صراحة، حروف البشارة،
وتبقى المرارة أن لا قوة إلا لتلك القذارة
التي ما دعيتها يوما إلاّ بأفعى الحضارة
ويشتد اللهيب وتضاء قناديل وشموع في أرض جنين، كما حدث في دير ياسين فيدوّن الشاعر قصيدة:
إن كانت الحرف يوماً لذي شـــــغـفٍ إنا جعلناه شملا وعصيـــانــــــــــــا
وما القصائدُ بحورِ الشعرِ نعزفهــــــا يهفو بنا الوجد شوقاً وتحنانــــــــــــا
مشتِ المآذن للأجراس تعضدهـــــــا يا خيرَ ما فعلت ريحاً وبركانـــــــــا
قوافلُ الأبطال يا للعزّ شامخـــــــــــةٌ من خلفها عبقت أناجيلَ وقرآنــــــــا
هي المساربُ لذاك البحر مغلقــــــــةٌ إن نمنا دهراً فدهر النصر قد بانــــا
لكنه الصبحُ يجري في مفاصلنــــــــا قد مرَّ ليلٌ وهذا الفجر يرعانــــــــــا
تلك السلاسل تدري ما عزائمنــــــــا ذاك الحديد وكم ذقناه بلوانــــــــــــــا
نحن-المسيحُ- صخور القبر ندفعهـــا هم يعلمون كيف تسمو موتانـــــــــــا
إن كانت القدس أرضا سوف تجمعنا إنّا اتفقنا رمـــال البحر ملقانــــــــــــا
وشاعرنا الياس قومي لن تنسيه هذه النكبات وما يحل في أرض قومه، لكنه يجيد كتابة الغزل أيضا وكيف لا وهو الذي عرف الحب من أيام طفولته، حيث نما الحب إلى جانب الكتابة والمطالعة والحرمان.
مواضيع مماثلة
» من كندا ومن مونتريال جاء إلينا الشاعر المهندس الياس قومي...فأهلا به بيننا
» ماذا كتب الشاعر المهندس الياس قومي عن أخيه اسحق قومي
» مقترحات للمجمع المقدس لا بدّ منها..بقلم المهندس الياس قومي.كندا
» نهنىء الأخ المهندس الشاعر الياس قومي على سلامته...
» أهلا بكَ أيّها الأخ الحبيب المهندس الشاعر الياس قومي
» ماذا كتب الشاعر المهندس الياس قومي عن أخيه اسحق قومي
» مقترحات للمجمع المقدس لا بدّ منها..بقلم المهندس الياس قومي.كندا
» نهنىء الأخ المهندس الشاعر الياس قومي على سلامته...
» أهلا بكَ أيّها الأخ الحبيب المهندس الشاعر الياس قومي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى