قصيدة بعنوان: أميرةُ المَدَائنْ...للشاعر المغربي أحمو محمد الأحمدي

من طرف اسحق قومي السبت أبريل 11, 2009 3:46 pm

كانت مدينة تـارودانت ولا زالت منتدى للأدب، على ضفـاف واديـها وبين حـدائق ريـاضها يبدع شعـراؤهـا مـا تشتهيه الأنفس من روائع الشعر وبدائـع النثر كــأنها اللآلئ ..
فإلى هذه المدينـة السـاحرة الجميلة الهـادئة، وإلى شعـرائها النبغـاء، وإلى ضيفهـا الأديب الكبير عبـاس الجيراري، أهدي هذه القـصيدة التي لا تعدو أن تكـون من وحـي طبيعة هذه المدينـة الخـلابة وهـدوئهـا الآسـر، إذ أن هذه الطبيعـة وهذا الهـدوء همـا اللذان جعـلاها ولا فخـر :

أَمِيـرَةَ الْمَــدَائِــنِ
عبقُ الزهــورِ ورقةُ الأنـداءِ ** ونضـارةُ الإصبـاح والإمسـاءِ
وحلاوةُ المـاءِ الزُّلاَلِ وبهجةُ الـ ** ــدنيـا ولحنُ حمـائمِ الأفياءِ
ووسـامةُ الظبي الغَـريرِ ونُبْلُهُ ** وقـداسةُ الأوطـان والشهـداء
ستظل ترفلُ في ربُوعِكِ كُـلِّها ** في ثــوبهـا المَوْشِيِّ بـالأضواءِ
تحدو بكِ الآمـالُ وهْيَ عظيمةٌ ** فـتلينُ كــلُّ شدائدٍ عسْـراء
مـا ضرَّني هجرُ الحبيب وصدُّه ** إن كـنتِ لِي يا موطنَ السُّعَدَاءِ
من فيضِ حبِّكِ يرتوي وجدانُنَا ** فيبثُّ مـــا في القلبِ من أنباءِ
فلأنتِ في "سوسٍ" أعزُّ مـدينةٍ ** ولأنتِ مــهبطُ نـافعِ الأنـواء
لولاكِ ما كان الجنوبُ ليُصْطَفَى ** يـــا ربةَ الأشعارِ والشعـراء
مـا أنتِ إلا جنَّةٌ مخـــتومةٌ ** بشذَى الجنـانِ وتـاجِها الوضَّاء
مـا أنتِ إلا مُنيةُ الأمـراءِ في ** كل العصــورِ ومرْبَعُ الكُبَـرَاء
فيكِ المـآثرُ لا يُزعزهـا الرَّدَى ** رغــمَ البِلى وتعـاقبِ الأرزاء
لا يزدهي قبسُ الحيـاةِ بحِضْنِها ** إلاَّ ازدهتْ شمسُ السما الزرقـاء
قرَّتْ عيونُ العـاشقين بوصلها ** وجمــالها الجـذاب والسِّيمَـاء
تبدو إذا طـلعَ الصبـاحُ غزالةً ** سُــوسِيَّةً كـالبدرِ في العليـاء
وإذا استبدَّ بهـا المسـاءُ فغادةً ** أنـعِمْ بهـا من غادةٍ حسنــاء

برَزَتْ ردانـةُ في الجنوبِ أميرةً ** مُـزدانةً تمشِـي على اسْتِحْيَـاءِ
تسْبي قلوبَ الـعابرينَ بحسنها ** كـالشمسِ لا تُبْقِي على الأنـداء
ما إن يزرْ صبٌّ حـدائقَ أهلِها ** حـتى يـذوبَ صبـابةً كـالماء
في جدولٍ ينسـابُ من هَضَبَاتها ** عــبرَ السهولِ الخِصْبَة الغنـاء
يُسْقَى بسَلْسَلِـهِ المبـاركِ مَنْبَعاً ** شجرٌ من الزيتـونِ والحَنَّـــاء
فتـراهُ يُغْدِقُ مُـورِقا بثمـاره ** يختــالُ في أبـراده الخضـراء
والبلبلُ الغِرِّيـدُ يرسِلُ لحنَــهُ ** فـرحـاً بمقدَمِ مُلهـمِ البيضـاء
مرْحى بـ "عباسَ" الأديب المجْتَبى ** فخرِ الربـاط وكنزهـا المعطاء
لمْ يُنْسِهِ حُبُّ الربـاطِ ووُدُّهَـا ** مـهدَ اليـراع ومنتدى الأدبـاء
فـأتى " ردانـةَ " زائرا يحدو به ** شـوقٌ كشوق المستهـام النائي
شـوقٌ إلى دار الفخـار رجالُهَا ** زُهْرُ النجومِ وخِيـرَةُ الكرمـاء
الزَّارعـونَ الخيرَ في أوطـانهم ** والرَّافعـون الضـادَ فوق ذُكـاء
الذائدون عن الحِمَـى بعلومهم ** بــغيَ العِدا وعوادي الأهـواء
المُلْهَمُونَ بدائعَ الحكماء والشـ ** ـــعراء والنبغاء والصلحـاء
المُنفِقُـون المـالَ رغم خصاصةٍ ** الفَــاتِحون الدارَ للبـؤسـاء

بـالله يــازَيْنَ المدائنِ واصلي ** سبـلَ السلام ومـا إليه ثنـائي
لا دارَ بعـدك للمحب تسُـرُّهُ ** فالأمنُ روحكِ والأمــانُ هنائي
مني إليكِ تحيَّةً ممـــزوجـةً ** بأريـجِ كلِّ ريـاضِك الفيحَـاء

شعـر : أحمـو محمد الأحمدي
وكتبهـا يوم : 03/03/2009م