إسحق قومي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قصة :شجرة الورد بقلم المهندس الياس قومي

اذهب الى الأسفل

قصة :شجرة الورد بقلم المهندس الياس قومي Empty قصة :شجرة الورد بقلم المهندس الياس قومي

مُساهمة من طرف اسحق قومي الثلاثاء يوليو 07, 2009 1:00 pm

قصة قصيرة:


شجرة الورد
بقلم المهندس اليا س قومي

كم كانت كريمة؛ تبث عطرها في كل الاتجاهات؛ ولكل الجيران .
هي تعلم حقاً أن عمرها لا يمكن أن يكون مثل الأشجار التي طالما تحيل بينها وبين أشعة الشمس الذهبية ، والتي تعشقها وتهفو إلى اللقاء بها .وأن زيارتها للأرض من كل عام؛ لا تتعدى بضعة أشهر . ..إلا إن حبها للحياة وللآخرين ممن يحيطون بها ، جعلها أن تفعل المستحيل كي تسعدهم بذاك الأريج الذي كانت تنشره؛ و جمال البراعم وهي تتفتح كل يوم؛وتلك الألوان الزاهية التي تجذبُ النحلَ ليمتص رحيقها وليتحول إلى عسل شهي فيما بعد.
لم ولن تنسى تلك القامات ؛ التي طالما انحنت إلى جانبها كي تستنشق عبيرها،أو الأطفال الصغار وهم يحاولون أن يقطفوا بعض من ورودها وليشكلوا باقة،يقدمونها إلى من يحبونهم، سواء أكانت معلمتهم أو لأحد أترابهم . وبرغم ذلك كانت الشجرة الصغيرة سعيدة . أو ليس الله قد حباها وميزها بذاك الجمال الساحر والعطر الرائع عن سائر ما في هذا الوجود من النباتات التي تغطي وجه الخليقة.
وكسا أغصانها الرفيعة الجميلة بالشوك ؛في ذات الوقت .....لكي يعلم من تسول له نفسه أو رغب أن يتطاول عليها وهي ما تزال برعم صغير في مطلع حياتها سوف تؤذيه. إذ ليس من الحكمة والذكاء؛ أن نحاول قطف تلك الورود الصغيرة ويقيني لو علم أحدنا؛ أنَّ وراء تلك الأشواك ورودا وأريجا لما حاول لمسها أو امتلاكها دون سواهِ.من قبل أن تنمو وتكبر.
ولربما لتعطينا درساً؛ لمن يرغب في الحصول على مبتغاه؛ ما عليه إلا أن يدم
يداه، بالجهد والتعب والعمل المتواصل.....فلا تستعجلن بالأمور.
يا لها من حكمة . وهي ترد التحية صبح مساء لكل زوارها وعشاقها الذين أحاطوها بالرعاية والعناية. ومن دون أن يعلم أحد؛

كانت تذرف دموعها؛ لأنَّ رحيلها كان قد بات قريباً .لقد استوت وأينعت وأصبح من الممكن أن تقطف ورداتها لتتحول من بعد ذاك العطر إلى نوع يشبه الحلوى ؛ مربى الورد؛ أو إلى شراب سائغ ينعش النفس في لحظة قيظ.كم كانت تفكر بالشتاء الذي حط رحاله وهاهو البرد أصبح يؤثر عليها وحتى أوراقها الصغيرة بدأت هي الأخرى تتساقط من وقت إلى آخر ؛ لتختبئ بين أوراق الأشجار الكبيرة؛ التي هي أيضاً لم تسعفها قاماتها العالية ؛ فالشتاء لا يرحم أحد.ولتصبح سماداً أو رماداً للأعوام القادمة.

لقد عرفت معنى العطاء منذ اللحظات الأولى لولاداتها مطلع كل ربيع ومن دون أن يخطر ببالها ماذا ستجني حين تقدم على فعل تلك الأشياء .كانت راضية مدركة مكتفية بالألوان والرائحة العطرة؛ نعم يكفيها كانت تردد ذلك داخل نفسها لما الأنانية وحب الذات . لا شيئاً خالداً على ظهر البسيطة..........
فالحياة قصيرة؛ والمهم هو العطاء الذي من مجموعه تتكون هذه الموجودات.
فلولا الينابيع والجداول لما تشكلت هذه الأنهار الكبيرة فعلاما تحزن وهي تعلم أنها ذاهبة تدفعها الرياح إلى بطون الأودية حيث النهاية المحتومة لكل مثيلاتها .ومن حيث لا تعلم وبدون مقدمات وإذ بصاحب الدار وزوجته يتخاصمان؛لينهال عليها من عند جذعها الطري بتلك الفأس ؛زوجته تحاول سحبه؛ أن تمنعه هي وبناتها ؛ اتركها ؛ تعطر الأجواء علينا. ماذا تريد منها مسكينة تلك الشجرة هاهي سنوات هذا عددها ؟؛ ما الذي أزعجك منها أما تراني
أحبُّ الورد والأشجار؟؛ أما تعلم أنني أحبُّ النباتات التي تقوم بتأمين الهواء النقي ومن دونها لا حياة على هذا الكوكب ؛ ألا تعلم بان التمثيل الضوئي يقوم بفعله النبات ، أما درست ذلك في المرحلة الإعدادية ؛ أم أنك قد نسيت ؛إن دراستي الجامعية كانت العلوم الطبيعية وأنني لم أستطيع العمل هنا؛من خلال شهادتي التي حصلت عليها ؛ بعد سنوات من الدراسة وأشتغلتُ في مجال التدريس في بلادنا لسنوات طوال؛إِنني أتأسف جداً ؛ كوني لم أستطيع أن أعمل في هذه البلاد في مجال عملي الأساسي بسبب اللغة الفرنسية . وأنك تعلم إننا
يوم كنا قد وصلنا حديثاً إليها ؛ كيف كنت ُ قد تأقلمت مع هذه اللغة ؛ لا بل كنتُ أصحح ُ الكثير من الأخطاء التي كان المدرسون يقعون فيها وخاصة في القواعد ...وكم من مدرس كان يشكرني على ذلك؛ لقد حرموني من التدريس هنا ؛وأنت اليوم تريد أن تحرمني حتى من النظر والتمتع بتلك الزهور ورائحتها؛قل لي بماذا سوف تستفيد ؟!!!. هل رأيت أحداً لا يحبُّ شجرة الورد . بالله عليك؟!!! ؛
لكنه كم كان عنيدا ،استمر يحفر ويكسر ويقطّع تلك الأغصان إلى أن اقتلعها من جذورها.
هيهات أن ندرك ما قيمة الفعل الذي نؤديه . وأن نفكر وبهدوء ولأكثر من قبل أن نقدمَ على فعل ٍ أيّ شيء ٍ مهما كان .... ويبدو في حينه من دون ذات قيمة .
.لقد قام بتسوية التربة وبذر بذور أعشاب مكان شجرة الورد حينها ستنمو ستكسو الأرض بلون أخضر.وسيبقى الرجل العنيد يحصد الأعشاب كلما طالت ؛وستبقى زوجته التي يحبها حباً قلما رجل أحب َّ امرأته؛ تعاتبه وضميره يؤنبه؛ لماذا تسرع في اقتلاع شجرة الورد التي كانت تملأ الفضاء بعطرها ؟!!!
وضحكات الأطفال الذين كانوا بسببها يلقون التحية عليه وهم يلتفون من حولها كلَّ صباح...
****

لافال 28 /6/2009 كندا .
الياس قومي
شاعر وأديب سوري مقيم في كندا.


اسحق قومي
اسحق قومي
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 835
العمر : 74
الموقع : https://alkomi.yoo7.com/profile.forum
العمل/الترفيه : معاقرة الشعر والأدب والتاريخ والإعلام والسياسة
المزاج : حسب الحالة
تاريخ التسجيل : 13/06/2008

https://alkomi.yoo7.com/profile.forum

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى