عندما ينسى الكِبارْ...بقلم المهندس الياس قومي
صفحة 1 من اصل 1
عندما ينسى الكِبارْ...بقلم المهندس الياس قومي
عندما ينسى الكِبارْ...!! *
بقلم المهندس إلياس قومي- مونتريال - كندا
كانت أيام الأعياد وعلى مر العصور، ولدى مختلف الشعوب، والمذاهب والديانات. تحمل في داخلها مجموعة من العادات والتقاليد: تبادل الزيارات وإعادة ما أنقطع من روابط صلة الأرحام بين ذوي القربى، وإطعام المحرومين واليتامى والمساكين وتبادل الهدايا . وكانت تبدأ الأفراح ليلة عيد الميلاد، أو لنقل بعد العودة من الصلاة حيث يلتف الجميع حول مائدة الغذاء، ولتختتم مع مطلع العام الجديد. كلَّ هذا مع فيضٍ من الأناشيد والتراتيل لطفل المغارة مستذكرين ماقالته الملائكة للرعاة: المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة. وبالتالي يكونوا قد ساهموا خلال فترة إسبوع على قدر معرفتهم وهم يتنقلون بين بيوت ذويهم، لعلهم يدخلوا الفرحة لمن يحيطوا بهم ولمن قست الحياة عليهم، وكيف لا!! أوليسوا هؤلاء همُ السياج الذي يحميهم ويقيهم عند عاديات الأيام؟! + + + وفي بلاد المهجر يوم قدُمنا، كانت لاتزال هذه العادة الحسنة الكريمة في معانيها دارجة. ففي كلِّ مناسبة دينية، أو أجتماعية،كنا نلتقي عند بيت الأب، أولنقل الأخ الأكبر لنعّيدَ معاً، ونستعيدُ الذكريات التي لم تعدْ لدينا مساحةً لنتناقلها سويةً، إلاَّ في مثل هذه المناسبات السعيدة. ولنحكي قصص الطفولة والشباب، وليستمع لها جيل الصغار وليتعظوا منها ويتخذوا مما نتذكره عبرةً وأمثلة حيَّة، تكون منارة لهم ومن دون أن نقحمها في رؤوسهم عنوةً. وبالحقيقة ما أظنُّ إنَّ أحداً منَّا ينكرُ جمال تلك اللقاءات وما سوف يحتفظوا به أطفالنا كي يستعيدوا بعض منها، عندما يلتقون. وبهذا نكون قد ممددنا الجسور لأولادنا وقوينا الروابط فيما بينهم من دون أن يدروا!! لكن على مايبدو، وعندما بدأ الكباريتخلفون عن أدوارهم الأساسية هذه، أو يتناسون ومن دون إدراك منهم أحياناً ليفقدوا دورهم الأسري. سُمح ومن دون قصدٍ أيضاً لأن يتصرف الصغار وليحملوا الراية ويحلُّوا محلَّ الكبار وعلى طريقتهم. فأصبحنا نسمع ونرى من يُعلن عن غذاء العيد في أحد المطاعم ولما لا قد يقول قائل!! أليسوا كلهم مجتمعين!! وهذا ما يريده يسوع!! لا... لقد نسيوا ما معنى العيد!! نسيوا مامعنى الألتفاف الأسري!! نسيوا لقاء الأرحام وتواصل ما أنقطع !! خلال مسيرة الحياة وما تحمله من أعباء ومسؤوليات إتجاه أسرتنا ، وما الذي سيحمله الصغار الذين ضحينا وما زلنا من أجلهم!! ماذا سيحملون معهم من تلك المطاعم التي يزورونها إسبوعياً إن لم نقل يومياً!! أيُّ دفء سيحتفظون به في صدورهم!! وما الذكريات المحببه التي ستبقى محفورة عامرةً في أذهانهم!! وأيُّ من العلاقات الحميمة تربطهم إن لم نحسن نحن جمعهم في هذه المناسبات!! + + + ترى لو أجرينا مقارنة مع جيل اليوم وأجيالنا، ماذا في جعبتهم للغد، وماذا في صدورنا من تلك الأيام والمناسبات؟! ترى من قادر أن ينتزع حلاوة وجمال عطلة أعياد الميلاد من قلوبنا ؟! من يستطيع أن يزيل من ذاكرتنا تلك الخوالي من الأحلام مابين الشواء والأناشيد والتراتيل، ونحن حول المدفأة بين أحضان الأعمام والأخوال والعمات والخالات والأجداد؟!ماذا نستطيع إن ننقله لأجيالنا من مثل هذه المناخات!! حتى إجتماعات أعياد الميلاد!! آه حتى هذه أيضاً فعلتها يا... ألم تكفي قساوة الغربة !! حتى المعايدات لم يـُترك شيء إلاَّ ودخله إبليس!! إبليس هذا الذي يزيِّن ويغيِّركلَّ مايُريد تحت تسمياتٍ وتبريراتٍ واهياتْ، سرعان ماتظهر حقيقتها يوم نتطلع إليها جيداً!! + + + نعم لقد تغيرت الصورة والمكان وكأننا من قرون وكواكب بعيدة قد أتينا!! حتى تلك النار التي كنا نوقدها ليلة عيد الميلاد، والتي مازلتُ إمارسها على طريقتي بإشعال مجموعة أخشاب وأوراق، لقد أنتسيتْ وتحولت هي الأخرى لمجموعة أزرار كهربائية ذات ألوان كثيرة تختطف الأبصار، لكن هيهات هيهات أن تحمل الدفء لصدر أحد!! ترى أين هذه من تلك!! يوم كنا نوقدُ النار ونلتف من حولها، نغني ونرتل ونعلن الولاء للطفل يسوع!! إنِّي مازلت أحسُّ بدفئها في صدري إلى اليوم، وستبقى لآخر نسمةٍ في حياتي. وكم التشابه متطابق مابين هذه المصابيحُ الباردة وبعضُ قلوبٍ خاوياتٍ لاتنبضْ لابالمحبة ولابالدفء، ولا تريد أن تذكر ما ضيها، لأنه يعريها هذه مصيبتنا دوماً، نخاف من ذكر الماضي، الذي يظهر حقيقتنا،ويمنحنا فرصةً كي نتطهرْ إنْ شئنا ، تريد ُأنْ تنساه لم يعدْ في صالحها ذكره، لقد تلحفتْ بالأنا والنظرة الضيقة والتعالي من دون تبريرولماذا ألعله القذى في عيني، هل قد تطلعتَ ياأخي إلى... ؟! ترى هل هنالك من إيمان ولو بمثقال ذرة عند تلك القلوب؟! رباه أينَ همْ من الطفل يسوع؟! هل هم يعرفونه حقاً؟! وعلى طاولة من جلس ليتعشى معه؟! هل بإمكان أحدٌ ليصرخ ويقول هاهو معنا حقاً؟! أخوتي: لنرفع قلوبنا بخشيةٍ وبهدوء، ولنصلي كي يتلامسَ الربُّ مع تلك القلوب نعم!! تعال أيها الطفل يسوع نحنُ مغارتكَ إنْ رضيتَ فأدخلْ، نثق بك لن تتركنا في هذا الصقيع الذي يجتاح نفوسنا، أنت قادرٌ يارب أن تضرم نار محبتك الألهية فينا، لاتدعنا وحيدين في غربتنا هذه،قلوبنا يارب إلمسها، نريدك أن تلامسنا أنتَ لا نحنُ، لأننا غيرُمستحقين، كلنا قد ضللنا، وكما وجهت المجوس وهديتهم الطريق وجهّنا أيضاً يارب،فمانحن سوى أوانٍ فارغات ولن يملأها سواك، من أجل أسمك يارب؟! ألسنا نحن غنمَ وشعبَ رعيتك فأفعل فينا ما شئتَ !! أنت قادرٌ أن تغيرنا، في هذه المناسبة أجعل من كلماتك سهاماً توجهنا، نحن بحاجة إلى كلمة منك يارب وكما يقول الكتاب فأرسل كلمته فشفاهم!! وليحلَّ طفلُ المغارة في بيوتنا وكنائسنا ويشدد فكر وعزم رعاتنا وقادتنا الروحيين والزمنيين، ولترفرف رايات السلام في العالم أجمع، أمين. تعال أيُّها الرب يسوع. ميلادٌ مجيدٌ وعامٌ سعيدْ. + + + المهندس الياس قومي كندا. مونتريال، لافال
مواضيع مماثلة
» تحية من القلب للشاعر اسحق قومي. بقلم المهندس الياس قومي
» هل يعي الرجال؟!!! بقلم المهندس الياس قومي
» رتعاشاتْ أخر الحلمْ....بقلم المهندس الياس قومي
» لمن أبعثُ آهاتي....بقلم المهندس الياس قومي
» من يُعيد لي طفولتي؟!!! بقلم المهندس الياس قومي
» هل يعي الرجال؟!!! بقلم المهندس الياس قومي
» رتعاشاتْ أخر الحلمْ....بقلم المهندس الياس قومي
» لمن أبعثُ آهاتي....بقلم المهندس الياس قومي
» من يُعيد لي طفولتي؟!!! بقلم المهندس الياس قومي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى