لماذا العملية النقدية وماقيمتها عند الشعوب؟!!!! بقلم اسحق قومي
صفحة 1 من اصل 1
لماذا العملية النقدية وماقيمتها عند الشعوب؟!!!! بقلم اسحق قومي
لماذا العملية النقدية وما هي قيمتها عند الشعوب؟!!!
بقلم اسحق قومي
موضوع يشغل الكثيرين وهو حاجة وضرورة لأيّ عمل إبداعي إذا أراد له صاحبه البقاء... ولن نعرج على التعريف القديم للمنهجية النقدية والإبداعية بل سنكتفي بالقول: أنَّ الكتابة فن ٌ إنساني قديم ٌ قِدم الإنسان ،وجاء نتيجة حتمية للعملية الحياتية برمتها .والكتابة فن وذوقٌ وتتضمن تكثيف للفكر الإنساني ونقله من حالته النفسية إلى تجسيده على هيئة حرف فكلمة فجملة فنص وإلى ما هنالك من تسميات،وتتوزع الكتابة في سياقاتها التاريخية وتتطور مع عملية العمل لأن الفكر والعمل توأمان ،وإذا كانت الكتابة فنٌ جميل ومفيدٌ وهادف فلا بدّ من ضوابط تسير العملية فكان لا بدّ من إيجاد تلك الضوابط عن طريق ما سميَّ بقواعد اللغة،(ولقناعتهم وقناعتنا بأن اللغة التي لا تمتلك القواعد لغة في طريقها إلى الزوال،) وإذا كانت اللغة الوعاء الكبير للفكر فإننا نجد أثار تلك اللغة في العدد من النصوص التي بقيت رغم الزمن تؤثر في الوجدان البشري مثل الملاحم التي قرأناها من خلال التراث الفكري( لبلاد مابين النهرين) أو حتى عند الشعوب الآرية والهندية واليونانية وغيرها،
والسؤال هنا كيف بقيت تلك النصوص خالدة؟!!!
وهل خضعت في زمنها للعملية النقدية أم أنها بقيت وبقي تأثيرها لمجرد أنها تنتمي لزمن مرّ وتمثل نوعاً من الحنين الذي يعترينا تجاه ذلك الماضي ونبحث فيها عن الفردوس المفقود واقعاً في أنفسنا؟!!!
هل العملية النقدية ضرورية للعمل الأدبي أو الفني أو للتاريخ أو أيّ عمل إنساني آخر ؟!!!
ماهي صفات الناقد وما هي أدواته وثقافته وقدرته على النقد؟!!!
هل الناقد لأيّ نص هو حيادي؟!!!
وكيف يستطيع إثبات ذلك؟!!!
والنقد لا يجري على النصوص الأدبية أو الفنية أو الإبداعية فحسب بل علينا أن نسقطه على الآثار التاريخية والأوابد وما خلفه لنا الإنسان القديم أيضاً.
وكي نبقى في مجال بحثنا تعالوا نرى فيما إذا كانت مواقعنا وجميع المواقع التي نقرأ فيها نصوصاً مختلفة من الأنواع الأدبية تخضع للعملية النقدية ومن قِبل ناقد يستطيع أن يفكك النص الأدبي ويُعيد صياغته من جديد بحلة تأخذنا إلى أبعاده الروحية والعقلية والحرفية ؟!!!!.وهذا يقودنا للقول
علينا أن نستعين في أحكامنا تجاه تلك النصوص التي بقيت من الأوائل وحتى الحالية بأمور عدة، فنُخضعها للناحية الجمالية في صياغاتها وقواعدها وأثرها الموسيقي في النفس وما يُصيبنا منها أثناء سِماعنا لها أو قراءتنا لتلك الآثار؟. فأنت حين تقرأُ نصاً تراك أمام مشهد بانورامي لزمن لم يعد إلا أنك تعيش من خلاله في تلك الأزمنة وبين أولئك الناس وها أنت تتعلم منهم الكثير من أساليب حياتهم وسلوكهم وأفكارهم حتى الماورائية منها ومن هنا فإنك تحكم على تلك الأعمال بأنها خالدة في مدى تأثرك بها وما تتركه من أثار ٍ إيجابية.وتقر ُّ بأن وراء تلك الأعمال كاتب بارع يعرف فن الكتابة أو صناعة الكتابة وأنه مثقف يعرف لغته وأدواتها ويُدرك أهمية الموسيقا التي تنبعث من تناغم الحروف فيما بينها ولابدّ أنه كان يكتب وفي أعماقه هدف خلود عمله فكان لابد أن يجتمع فيه الحرفي والإنسان الناقد في نفس الوقت،وسحر تلك الأعمال في أثارها يأتينا في أنها كانت شاملة جامعة مانعة في معانيها وكانت تجمع بين الصناعات الروحانية التي تتضمن الألفاظ والأخيلة التي هي بالأساس صورة للنفس الإنسانية.وتلك الأعمال الخالدة ليست خطوطاً في علم اللغة أعني الكلمة المكتوبة إنشاءً فحسب بل هي فكرٌ يخلق تجديد نفسه بنفسه ويتطور من خلال توالده في صياغات مختلفة ، وإبداعٌ يثمر من خلال تعبيره واستخراجه من الحالة الكمونية إلى واقع مسطر على الورق،وفيه تجتمعُ كينونة الإنسان في جميع أفعاله وتصرفاته وما تستهويه نفسه من صوت وحركة وأنغام وانفعالات ومشاعر.وقدرة على التصور والتخيل.لا بل لنوجز لنقول الإبداع هو الإنسان في جميع تجلياته لا يقوم به إلا الشخص القادر على هكذا مرحلة من الوعي والإدراك وهدفه الفضيلة(الحق والخير والجمال) والعلم والزيادة ويترفع عن الحالات التي تؤذيه فنراه يشبه الراهب أو المتصوف في سلوكه اليومي أو في سياقات كتابته، لأنه يشعر بتميزه عن العوام،وأثبت التاريخ البشري بأن من يصنعون حركة المجتمع قلة قليلة رغم أن كل شخص مهم في ذاك المجتمع.وحين يكون متميزا يمارس العملية النقدية ويسقطها على ما يخطه من عمل إنشائي ويؤسس عمله هذا على معرفة وعلم ودراية ويستشرف النتائج ويهدف إلى فضاءات الجمال لا بل هو يصنع علم الجمال من خلال أثاره.وبهذا فالذي يُنشىء عملا ً أدبياً أو فنياً أو موسيقياً أو غير ذلك من أنواع الفنون عليه أن يعرف ويعيش بين جميع رياض العلوم ويأتي عليها لأنه بحاجة إلى معرفتها ومن لا يعرف الأمور لا يستطيع استخدامها والانتفاع بها ولأنها جميعاً لا بدّ أن تدخل في العملية الإبداعية فيما لو أراد أن يكون عمله خالداً.
لهذا كنا نجد الأديب أو الشاعر قديماً يعاقر الطب والفلك والرياضيات وصناعة الأدوية ويعرف التشريع القوانين والجوانب الروحية ويأتي الفلسفة في مظانها وكل كاتب كبير هو ناقد بالفعل أو بالقوة ولكننا أمام حقيقة أن هذه الحالة أو الصفة في الكاتب غير كافية ولا بد من وجود ناقد ٍ يأتي من خارج النفس المبدعة للنص .
** وإذا كان على الأديب أن يتحلى بكل ما ذكرناه سابقاً فنجد على الناقد أن يمتلك تلك الأدوات ويعرف تاريخ العملية النقدية وربما أرتاح قليلاً في أروقة الحكام والحكماء وفي أسواق المرابد وغيرها ليقرأ ما الذي كان يجري هناك ولماذا كان الشّعراء يتبارون وهل كان الهدف هو تقديم الأعمال أم كانوا يُمارسون العملية النقدية،وكيف كانوا يعرضون بضاعتهم من أجل استشفاف الذوق الذي يُعطيها قدرة على البقاء.والناقد لابدّ من أن يعرف الفلسفة وجميع العلوم الإنسانية والتاريخ وعلم اللغة والنفس والمدارس النقدية وتاريخها واختلافاتها وكيفية قراءة النص كحرف وكروح . في المعنى وفي المبنى ويعرف ويُدرك الجائز والمسموح والممنوع والمرغوب والمحظور.ويعرف الخلاف مابين تناول نص ٍ ما وبين قراءة التاريخ وتناوله في حالة نقدية عليه أن يتفهم بأن التاريخ لم يعد بوصفه امتداد زمني لأسلافنا بل هو الكشف عن القيم والمثل الجمالية من خلال صانعيه.فلا بد أن يكون الناقد أيضاً على قدرة لغوية لأن الأدوات اللغوية هي المفاتيح للولوج إلى رحاب النص أدبياً كان أم تاريخياً أو غيره من فنون الإبداع.
** كما لابدّ من الإشارة هنا إلى أن كل ناقد لا يمكن له أن يخرج عن ذاته أثناء ممارسته للعملية النقدية ومن هنا نجد نشوء عدة طرق (مناهج للنقد)...ومفاهيم في العملية النقدية المتأتية أصلاً من تأثير الذات الناقدة.. وعلينا أن نقرّ بأن الظاهرة النقدية تختلف باختلاف الأشخاص فكل يرى في هذا النص ما قد لا يراه الأخر من مواطن القوة والتأثير والسحر والجمال والخير.ونرى في اختلاف تلك المدارس والمناهج ازدهاراً وثراءً للنص الأدبي أو الظاهرة التاريخية.وعلينا أن نُدرك بأن العملية النقدية ليست دوما محكمة الصيغة ولهذا تتغير قيمة الأعمال في سياقاتها التاريخية وكي لا نطيل نقول على الناقد أن يكون ملماً وأيُّ إلمام بفن المحاكاة ويكتشف من خلالها الفروق بين العلوم المعرفية وكيفية التدرج بإدراكها وكأنه كالمتصوف الذي يتدرب على تهذيب النفس لديه ولتسمو في رحاب الذات الإلهية .لهذا الناقد ليس إلا ذاك العالم والشاعر والأديب والفيلسوف والراهب والمتصوف والمتمثل والمماثل للقيم الجمالية والأخلاقية والمدرك لأبعاد الكلمة وتأثيراتها وقوتها العددية والسحرية.
من هنا نقول:
هل مرورنا على جهد شاعر أو فنان أو أي عمل إبداعي لمدة خمس دقائق ونحن نتصفح المواقع كافية أن نمارس العملية النقدية ونكون فعلاً نسعى إلى تطوير العمل الإبداعي؟!!!!!
أعتقد أننا لو أجبنا بكلمة أجل. فنحن نرتكب أكبر الحماقات ونكون غير منصفين وغير ساعين للخير والجمال والحق بل نحن نحاول تهشيم الجمال والخير والحق . لهذا يلزمنا كي نتطور في الإنسان الداخلي روحا ونفسا وذوقا وعقلاً وفي آثارنا أن يكون لدينا المبدع صانعاً والمبدع ناقداً، المبدع موهبة ً والمبدع عارفاً.وبهذا نكون قد بدأنا الطريق وعلينا تتوقف المسئولية في باقي الرحلة الأدبية.
أرجو أن أكون قد جئتُ على أولويات ما هدفنا إليه وما توصلنا من أن صياغة العمل الإبداعي من قبل الناقد هي من الأهمية بمكان ولكن ليس كل من أراد يستطيع خوض هذه التجربة بل العالم والعارف والمبدع والمحيط بالعلوم والمكتشف والطبيب الذي يستطيع أن يرسم على شفاه النص الإبداعي قدرة على التألق والبقاء.
***
اسحق قومي
ألمانيا.شتاتلون
10/4/2010م
بقلم اسحق قومي
موضوع يشغل الكثيرين وهو حاجة وضرورة لأيّ عمل إبداعي إذا أراد له صاحبه البقاء... ولن نعرج على التعريف القديم للمنهجية النقدية والإبداعية بل سنكتفي بالقول: أنَّ الكتابة فن ٌ إنساني قديم ٌ قِدم الإنسان ،وجاء نتيجة حتمية للعملية الحياتية برمتها .والكتابة فن وذوقٌ وتتضمن تكثيف للفكر الإنساني ونقله من حالته النفسية إلى تجسيده على هيئة حرف فكلمة فجملة فنص وإلى ما هنالك من تسميات،وتتوزع الكتابة في سياقاتها التاريخية وتتطور مع عملية العمل لأن الفكر والعمل توأمان ،وإذا كانت الكتابة فنٌ جميل ومفيدٌ وهادف فلا بدّ من ضوابط تسير العملية فكان لا بدّ من إيجاد تلك الضوابط عن طريق ما سميَّ بقواعد اللغة،(ولقناعتهم وقناعتنا بأن اللغة التي لا تمتلك القواعد لغة في طريقها إلى الزوال،) وإذا كانت اللغة الوعاء الكبير للفكر فإننا نجد أثار تلك اللغة في العدد من النصوص التي بقيت رغم الزمن تؤثر في الوجدان البشري مثل الملاحم التي قرأناها من خلال التراث الفكري( لبلاد مابين النهرين) أو حتى عند الشعوب الآرية والهندية واليونانية وغيرها،
والسؤال هنا كيف بقيت تلك النصوص خالدة؟!!!
وهل خضعت في زمنها للعملية النقدية أم أنها بقيت وبقي تأثيرها لمجرد أنها تنتمي لزمن مرّ وتمثل نوعاً من الحنين الذي يعترينا تجاه ذلك الماضي ونبحث فيها عن الفردوس المفقود واقعاً في أنفسنا؟!!!
هل العملية النقدية ضرورية للعمل الأدبي أو الفني أو للتاريخ أو أيّ عمل إنساني آخر ؟!!!
ماهي صفات الناقد وما هي أدواته وثقافته وقدرته على النقد؟!!!
هل الناقد لأيّ نص هو حيادي؟!!!
وكيف يستطيع إثبات ذلك؟!!!
والنقد لا يجري على النصوص الأدبية أو الفنية أو الإبداعية فحسب بل علينا أن نسقطه على الآثار التاريخية والأوابد وما خلفه لنا الإنسان القديم أيضاً.
وكي نبقى في مجال بحثنا تعالوا نرى فيما إذا كانت مواقعنا وجميع المواقع التي نقرأ فيها نصوصاً مختلفة من الأنواع الأدبية تخضع للعملية النقدية ومن قِبل ناقد يستطيع أن يفكك النص الأدبي ويُعيد صياغته من جديد بحلة تأخذنا إلى أبعاده الروحية والعقلية والحرفية ؟!!!!.وهذا يقودنا للقول
علينا أن نستعين في أحكامنا تجاه تلك النصوص التي بقيت من الأوائل وحتى الحالية بأمور عدة، فنُخضعها للناحية الجمالية في صياغاتها وقواعدها وأثرها الموسيقي في النفس وما يُصيبنا منها أثناء سِماعنا لها أو قراءتنا لتلك الآثار؟. فأنت حين تقرأُ نصاً تراك أمام مشهد بانورامي لزمن لم يعد إلا أنك تعيش من خلاله في تلك الأزمنة وبين أولئك الناس وها أنت تتعلم منهم الكثير من أساليب حياتهم وسلوكهم وأفكارهم حتى الماورائية منها ومن هنا فإنك تحكم على تلك الأعمال بأنها خالدة في مدى تأثرك بها وما تتركه من أثار ٍ إيجابية.وتقر ُّ بأن وراء تلك الأعمال كاتب بارع يعرف فن الكتابة أو صناعة الكتابة وأنه مثقف يعرف لغته وأدواتها ويُدرك أهمية الموسيقا التي تنبعث من تناغم الحروف فيما بينها ولابدّ أنه كان يكتب وفي أعماقه هدف خلود عمله فكان لابد أن يجتمع فيه الحرفي والإنسان الناقد في نفس الوقت،وسحر تلك الأعمال في أثارها يأتينا في أنها كانت شاملة جامعة مانعة في معانيها وكانت تجمع بين الصناعات الروحانية التي تتضمن الألفاظ والأخيلة التي هي بالأساس صورة للنفس الإنسانية.وتلك الأعمال الخالدة ليست خطوطاً في علم اللغة أعني الكلمة المكتوبة إنشاءً فحسب بل هي فكرٌ يخلق تجديد نفسه بنفسه ويتطور من خلال توالده في صياغات مختلفة ، وإبداعٌ يثمر من خلال تعبيره واستخراجه من الحالة الكمونية إلى واقع مسطر على الورق،وفيه تجتمعُ كينونة الإنسان في جميع أفعاله وتصرفاته وما تستهويه نفسه من صوت وحركة وأنغام وانفعالات ومشاعر.وقدرة على التصور والتخيل.لا بل لنوجز لنقول الإبداع هو الإنسان في جميع تجلياته لا يقوم به إلا الشخص القادر على هكذا مرحلة من الوعي والإدراك وهدفه الفضيلة(الحق والخير والجمال) والعلم والزيادة ويترفع عن الحالات التي تؤذيه فنراه يشبه الراهب أو المتصوف في سلوكه اليومي أو في سياقات كتابته، لأنه يشعر بتميزه عن العوام،وأثبت التاريخ البشري بأن من يصنعون حركة المجتمع قلة قليلة رغم أن كل شخص مهم في ذاك المجتمع.وحين يكون متميزا يمارس العملية النقدية ويسقطها على ما يخطه من عمل إنشائي ويؤسس عمله هذا على معرفة وعلم ودراية ويستشرف النتائج ويهدف إلى فضاءات الجمال لا بل هو يصنع علم الجمال من خلال أثاره.وبهذا فالذي يُنشىء عملا ً أدبياً أو فنياً أو موسيقياً أو غير ذلك من أنواع الفنون عليه أن يعرف ويعيش بين جميع رياض العلوم ويأتي عليها لأنه بحاجة إلى معرفتها ومن لا يعرف الأمور لا يستطيع استخدامها والانتفاع بها ولأنها جميعاً لا بدّ أن تدخل في العملية الإبداعية فيما لو أراد أن يكون عمله خالداً.
لهذا كنا نجد الأديب أو الشاعر قديماً يعاقر الطب والفلك والرياضيات وصناعة الأدوية ويعرف التشريع القوانين والجوانب الروحية ويأتي الفلسفة في مظانها وكل كاتب كبير هو ناقد بالفعل أو بالقوة ولكننا أمام حقيقة أن هذه الحالة أو الصفة في الكاتب غير كافية ولا بد من وجود ناقد ٍ يأتي من خارج النفس المبدعة للنص .
** وإذا كان على الأديب أن يتحلى بكل ما ذكرناه سابقاً فنجد على الناقد أن يمتلك تلك الأدوات ويعرف تاريخ العملية النقدية وربما أرتاح قليلاً في أروقة الحكام والحكماء وفي أسواق المرابد وغيرها ليقرأ ما الذي كان يجري هناك ولماذا كان الشّعراء يتبارون وهل كان الهدف هو تقديم الأعمال أم كانوا يُمارسون العملية النقدية،وكيف كانوا يعرضون بضاعتهم من أجل استشفاف الذوق الذي يُعطيها قدرة على البقاء.والناقد لابدّ من أن يعرف الفلسفة وجميع العلوم الإنسانية والتاريخ وعلم اللغة والنفس والمدارس النقدية وتاريخها واختلافاتها وكيفية قراءة النص كحرف وكروح . في المعنى وفي المبنى ويعرف ويُدرك الجائز والمسموح والممنوع والمرغوب والمحظور.ويعرف الخلاف مابين تناول نص ٍ ما وبين قراءة التاريخ وتناوله في حالة نقدية عليه أن يتفهم بأن التاريخ لم يعد بوصفه امتداد زمني لأسلافنا بل هو الكشف عن القيم والمثل الجمالية من خلال صانعيه.فلا بد أن يكون الناقد أيضاً على قدرة لغوية لأن الأدوات اللغوية هي المفاتيح للولوج إلى رحاب النص أدبياً كان أم تاريخياً أو غيره من فنون الإبداع.
** كما لابدّ من الإشارة هنا إلى أن كل ناقد لا يمكن له أن يخرج عن ذاته أثناء ممارسته للعملية النقدية ومن هنا نجد نشوء عدة طرق (مناهج للنقد)...ومفاهيم في العملية النقدية المتأتية أصلاً من تأثير الذات الناقدة.. وعلينا أن نقرّ بأن الظاهرة النقدية تختلف باختلاف الأشخاص فكل يرى في هذا النص ما قد لا يراه الأخر من مواطن القوة والتأثير والسحر والجمال والخير.ونرى في اختلاف تلك المدارس والمناهج ازدهاراً وثراءً للنص الأدبي أو الظاهرة التاريخية.وعلينا أن نُدرك بأن العملية النقدية ليست دوما محكمة الصيغة ولهذا تتغير قيمة الأعمال في سياقاتها التاريخية وكي لا نطيل نقول على الناقد أن يكون ملماً وأيُّ إلمام بفن المحاكاة ويكتشف من خلالها الفروق بين العلوم المعرفية وكيفية التدرج بإدراكها وكأنه كالمتصوف الذي يتدرب على تهذيب النفس لديه ولتسمو في رحاب الذات الإلهية .لهذا الناقد ليس إلا ذاك العالم والشاعر والأديب والفيلسوف والراهب والمتصوف والمتمثل والمماثل للقيم الجمالية والأخلاقية والمدرك لأبعاد الكلمة وتأثيراتها وقوتها العددية والسحرية.
من هنا نقول:
هل مرورنا على جهد شاعر أو فنان أو أي عمل إبداعي لمدة خمس دقائق ونحن نتصفح المواقع كافية أن نمارس العملية النقدية ونكون فعلاً نسعى إلى تطوير العمل الإبداعي؟!!!!!
أعتقد أننا لو أجبنا بكلمة أجل. فنحن نرتكب أكبر الحماقات ونكون غير منصفين وغير ساعين للخير والجمال والحق بل نحن نحاول تهشيم الجمال والخير والحق . لهذا يلزمنا كي نتطور في الإنسان الداخلي روحا ونفسا وذوقا وعقلاً وفي آثارنا أن يكون لدينا المبدع صانعاً والمبدع ناقداً، المبدع موهبة ً والمبدع عارفاً.وبهذا نكون قد بدأنا الطريق وعلينا تتوقف المسئولية في باقي الرحلة الأدبية.
أرجو أن أكون قد جئتُ على أولويات ما هدفنا إليه وما توصلنا من أن صياغة العمل الإبداعي من قبل الناقد هي من الأهمية بمكان ولكن ليس كل من أراد يستطيع خوض هذه التجربة بل العالم والعارف والمبدع والمحيط بالعلوم والمكتشف والطبيب الذي يستطيع أن يرسم على شفاه النص الإبداعي قدرة على التألق والبقاء.
***
اسحق قومي
ألمانيا.شتاتلون
10/4/2010م
مواضيع مماثلة
» تحية من القلب للشاعر اسحق قومي. بقلم المهندس الياس قومي
» أُمي والحُكماء.....بقلم اسحق قومي
» إشكالية الوجود المسيحي في الشرق...بقلم اسحق قومي
» أيهما الصحيح؟؟؟؟الصح أم الخطأْ....بقلم اسحق قومي
» قصة قصيرة للأطفال...أيمن والقمر....بقلم اسحق قومي
» أُمي والحُكماء.....بقلم اسحق قومي
» إشكالية الوجود المسيحي في الشرق...بقلم اسحق قومي
» أيهما الصحيح؟؟؟؟الصح أم الخطأْ....بقلم اسحق قومي
» قصة قصيرة للأطفال...أيمن والقمر....بقلم اسحق قومي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى