إسحق قومي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

البيت الحزين...قصة قصيرة بقلم المهندس الياس قومي

اذهب الى الأسفل

البيت الحزين...قصة قصيرة بقلم المهندس الياس قومي Empty البيت الحزين...قصة قصيرة بقلم المهندس الياس قومي

مُساهمة من طرف اسحق قومي الجمعة أبريل 16, 2010 2:41 pm


البيت الحزين ؟!
قصة قصيرة
بقلم المهندس: إلياس قومي
لم يكن يختلف عما تحيط به من بيوت ، كان جميلاً تزينه شجرة كبيرة ، وتسيجه شجيرات صغيرات .. وذو موقع ممتاز على ناصية شارع رئيسي. سنواتٌ مضتْ
والرجل يعتني بالأشجار والدار وكل مافيه.
بالأمس دق الجرس، بابا أفتح الباب،.امرأة في العقد الرابع تبدو جميلةً، ممشوقة
القامة، محياها يبعث الدفء، سرعان ما دفعت ما في يديها، تناول منها تلك الحاجة المغلفة، نظرت إليه بابتسامة، ومضتْ مسرعةً واختفت.
مجموعة من النسوة، جئنَّ لزيارة على ما يبدو... قالها في نفسه ولِمَ لا !!
ليس في الأمر ما يعنيه، لا زوجة لديه لتشاركهم . أدمعت عيناه وأخذه الماضي
إلى ضفتيه ؟! كانوا يتبادلون الزيارات مع الجيران ، كم كان لتلك الزيارات من
معانٍ. هومايزال يزورهم ، لكن لم تعد بذات النكهة .
كم كانت جميلة ليست الأيام والزيارات التي رحلت وحسب، وإنما وجه زوجته
الذي مازال يلاحقه صبح مساءْ، لم تكن تغادره الابتسامة أبداً، لتنعشه حتى في الحالكات من الصعاب.
ظل يبحث عن تلك المرأة التي طالما شاهدها في إحدى الصالات الكبيرة.
لِمَ أحضرت بعضاً من الطعام يا ترى؟!
لم يستطع حينها سوى أنْ يتلقفه من يديها . تذكر يوم كانت تلك الجارة أيضاً تقوم
بجلب بعض من الحلوى وليتناولا فنجان من القهوة معاً. كم من مرةٍ جاءت لذات الفنجان...لكن الأمر قد أختلف على ما يبدو اليوم.
لقد تغير كل شيء. وهل إن رحلت الزوجة يعني لا أحد في البيت؟
وماذا لو الرجل هو منْ رحل؟ هل كان سيحدث ذات الفعل عند هؤلاء؟
لماذا كُتب عليهم العيش في دارٍ واسعة تفتح صدرها للشمس والهواء والأفكار ؟!
لم ينسى ذاك الرجل الشهم كيف يجلب الأطباق تلو الأطباق، تارةً هو وتارة بنات
أبنته، اللواتي هنَّ صديقات لأبنته معاً في ذات الصف . لكن البارحة اختلفت
المقايمن العيونلعيون تجوع وتتذوق وتشم أيضاً ؟ كان يعرف إنَّ العشق يبدأ من العيون لينتهي حيث القلب. لكن لِماذا كل مايقدم أصبح مقبولاً لديه!!
وهو الذي ما عرفَ غير العطاء؟ ماهو السر من كلِّ هذا؟!
لم ينسَ تلك العجوز التي تستدعيه حال أن تجهز له الطعام ليجلبه إلى بيته؟
كم من مرةٍ فعلتها زوجة الراعي فهي لا تنس أيام الأعياد والمناسبات؟
ولِمَ هذا الجفاء يدمدم في سره : حتى الفتيات لم تعد تزورهنَّ صديقاتهن إلا ما ندر ؟!
ماهو السبب في كل هذا التوحش والتفرد. إنَّ البيت الذي يفقد ركناً من مكوناته، ليس هو الذي يتغير فقط على ما يبدو!! بل الذين كانوا على تماسٍ معه أيضاً . فمنهم من يراه فرصةً للمساعدة، ومنهم من يراه فرصة للابتعاد. لكن تبقى السكين تغرز في الأعماق،والدم ينزف في السر والعلن.أما كان باستطاعته أن يتزوج وكفى؟!
أما كان من الممكن أن يقع في دوامة جديدة غير محسوبة النتائج...؟
اليوم كل شيء صار في مهب الريح ، حتى الطعام تغير، وقت الفطور تغير ،
حتى العمل تغير، حتى موعد النوم تغير، موعد الكتابة تغير ، وقت المطالعة تغير!!
لقد أصبحت كل الأشياء مثل ولادة القصيدة، من غير موعد تجيء!!
مثل من قرعة الباب مساء أمس !!
لكن هناك ما هو لم يتغير. باقٍ كما هو، كما تركته زوجته، ثيابها لم تزل معلقة على
ذات العمود داخل خزانة الثياب. وثوبها الليلي معلقاً على ذات المشجب الخشبي.
والجرائد مازالت تأخذ حيزا لا بأس فيه من غرفته ، شيء واحد أضيف إلى غرفته هو توسط الجدار الذي يقابله صبح مساء، صورة لتلك التي رحلت من دون وداع . يعود لبقايا أوراق قديمة كتبها ، يتذكر أيام الجامعة . لم تعد تلك الكتابات سوى فسحته الوحيدة ، يجول ، يرحل مابين السقف والجدران التي هي الأخرى ما عادت تعرف للضحك معنى. شيءٌ واحدٌ يربطه بالعشق هو قراءة الجرائد والكتب وما ترسله تلك الفضائيات. لكن سرعان ما ينتثر عبيرها على صدر ذاك البيت الحزين. ولتنعكس ضياء وحباً في عبارات الاستحسان والإعجاب من قارئ يوقفه وهو في أحد المخازن الكبيرة حيث تتواجد الصحف المحلية ليشكره ويثني على كتاباته. أو لربما بعض الثناءات تجيئه عبر تلك الشاشة الصغيرة التي يطل منها على العالم البعيد. يعود للوراء... يتذكر ينتشي فرحاً. كم كان يزهو أمام من يحبها ؟ تذكر تلك الأصوات وهي تطالبه أن يعيد بيتاً من الشعر أحبه من كانوا يستمعون إليه، مازلت صورة تلك الطالبات اللواتي خبئنَّ وجوههنَّ على مدرج كلية الهندسة ذات مرة من شدة الحياء. لقد تغيرت ملامح وجهه، إزداد شيباً،
هي لم تبخل عليه ، ساندته ووقفت لجانبه تعمل يداً بيد. حتى يوم رحلت كانت في طريقها لتشتري ما يلزم للبيت من حاجيات. ترى ماذا بوسعه أن يفعل وبناته؟!
ولماذا الكتب أوصت باليتامى والأرامل...؟! هل لمن يعيشون على هذه الأرض، أم يقصدون من في الآخرة، الأحياء منهم ... ؟! لماذا علم الاجتماع يفرز جوانب خاصة لمثل تلك الحالات؟! ترى من يسدد فاتورة الأسى والألم والحزن ؟!
من أينَ يُشترى لهم وصفات حب جديد تنعش القلب والفؤاد؟
وهل من الواجب أن يظلوا مكتوفي الأيدي ينتظرون معونة السماء؟!
ولِمَ لا فقد تنصفهم أكثر مما أنصفتهم الأرض ؟!
وهل من الواجب: أن يعلنوا للملأ حاجتهم لأخوة وبنات أحباء على قلوبهم؟!
هل من الواجب أن يزيلوا تلك الأشجار وليدونوا على جدران البيت إنَّه خالٍ
من زوجة تعيد له الابتسامة والحب والهناءة، خالٍ من أم تعرف كيف تعيد
الحنان والسعادة والحبور لأطفالها. هل من الواجب أن يصبحوا متسولين،
كي يعلم من لا يعلم من اللجان الاجتماعية: إنَّهم مازالوا حزانى ؟!
****** ****** ****** ***** *****
اسحق قومي
اسحق قومي
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 835
العمر : 75
الموقع : https://alkomi.yoo7.com/profile.forum
العمل/الترفيه : معاقرة الشعر والأدب والتاريخ والإعلام والسياسة
المزاج : حسب الحالة
تاريخ التسجيل : 13/06/2008

https://alkomi.yoo7.com/profile.forum

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى