على حدود زمن...بقلم الأديبة ناديا خلوف
صفحة 1 من اصل 1
على حدود زمن...بقلم الأديبة ناديا خلوف
على حدود زمن
ناديا خلوف
إنها رحلتي المقبلة . نسيت إلى أين . أعرف فقط أنني حجزت تذكرة لها . وضعتها بين أشيائي . سأبحث عنها فيما بعد . أتيت قبل الموعد . أنا متعجلة في أموري دائماً كم هو صعب ذلك الانتظار ! قضيت جزءاً كبيراً من عمري أتعجل ، ثم أنتظر . حتى اعتقدت أن عنواني قد كان الطريق ، ورقم بطاقتي رقم حافلة سفر . يقتلني الصبر على الانتظار ، بيد أنني كنت أعرف وجهتي . فقط اليوم نسيت أين أنا ذاهبة ؟ . لا بأس فالوجهة في تذكرتي . لابد الآن أن أستريح في ظل شجرة قرب الطريق . ستكون الشجرة لي رفيق مؤقت ريثما يحل موعد السفر . جلست تحت ظل نخلة . رأيت قطرة ماء تنزل على يدي . نظرت إليها – أعني النخلة – قالت : أنها تبكي .
سألتها : إذا كانت الأشجار تبكي ، فلماذا ؟
قالت : لدي روح تتعاطف مع الأرواح التائهة . تتخاطر معها في ساعات غفلتها . ثم تأويها إلى ظل جسدها وأغصانها . أحسست بألمك يا هذه . بكيت نيابة عنك لأنك لا تشعرين به بعد أن اعتدت عليه .
- هو قلق الانتظار فقط .
- لا . كانت روحي تسمعك وأنت تتحدثين عن الماضي ، وتصرخين به بلغة صامتة . تلومينه وتعتبرين أنه مسؤول عن حاضرك وعن قسوة انتظارك .
- نعم . نعم . أنا دائماً هكذا أيتها الشجرة . متعجلة . مجتهدة . أنتظر العدل . لكن يخطفه أحد ما مني في غفلة .
- اجلسي . سنتبادل أطراف الحديث .
- وأشيائي !
لا تلزمك . اتركيها للريح .
- هويتي . بطاقة سفري .
- انسيهما . ماذا تلزمك الهوية ، وأنت دائمة الرحيل ؟ يمكنك الانضمام إلى فريق غجر لا يحمل هوية ، ولا بطاقة سفر . قد تسعدك رفقتهم . .
- لا . لا . لن أتخلى عن أشيائي .
- حسناً إذن استريحي قرب جذعي ريثما ترحلين .
بدأت الشجرة تغط في نوم عميق . أنا أسمع أنفاسها . أشعر بالنعاس مثلها . لكنني أرى الحافلة تمر . يا إلهي ! أحدهم يأخذ أشيائي . الحافلة ترحل . أركض . أصرخ :قفي أيتها الحافلة . يعود الصدى .
أعود متكاسلة أجلس قربها . أسند رأسي إلى جذعها تتململ قليلاً ثم تبدأ بالنهوض فقد حل الصباح . لابد أن تستحم . ولا بد للطيور أن تبدأ روتينها اليومي هنا . في موطنها الشجرة ، وفضاء الأشجار الجميل . الحياة هنا تبدأ ودائماً في الصباح . مع أنني مازلت أنتظر أن تبدأ الحياة هناك .
قلت : فاتتني الرحلة . أريد أن أسميك اسماً آخر كي لا يسخر مني أحد عندما أقول: تحدثت إلى شجرة .
- ولماذا يسخرون ؟ ألستُ كائناً حياً مثلهم . لكن لا بأس . أنا لي اسم ، واسمي هو : تامار .
شكراً يا تامار على اهتمامك بي . آخر ما توقعته أن يأتي الاهتمام الذي انتظرته طويلاً من شجرة ! دائماً كانت نظرات الناس تراقبني . إن سألت يا تامار من هم هؤلاء الناس ؟ أقل لك . أهلي . جيراني . أحبتي . أبكوني كثيراً . ثم بكيت عليهم تركتهم ، وأنا أبكيهم . أحزن عليهم . فقد كانت هذه هي طريقتهم في الحب . أن يسجنوني داخل عالمهم . فررت منهم ، لكنهم ينتظرون أن يصيبني الضيم مرة أخرى ، لأعود وأقول لهم : كنتم على صواب . لا . بل أنتم دائماً لا تخطئون الحكم . مكانكم هو أفضل مكان في العالم . سعادتي معكم كنت أجهلها . أما أنا فقد اخترت الحرية ولن أتراجع . لكنني خائفة يا تامار . خوف يتخلله سلام لم أشعر به من قبل .
قالت : إن روحك ترغب أن تصعد إلى روحي لتعانقها . اتركيها تعلو . ودعي جسدك متكئاً علي . سنصبح صديقتان إلى الأبد .
نظرت إلى الأسفل . رأيت نخلة طفلة تلبس جسدي . تعانقت روحينا- أنا والنخلة - بينما تامار الصغيرة تنظر إلينا .
نادية خلوف.
الإمارات العربية
ناديا خلوف
إنها رحلتي المقبلة . نسيت إلى أين . أعرف فقط أنني حجزت تذكرة لها . وضعتها بين أشيائي . سأبحث عنها فيما بعد . أتيت قبل الموعد . أنا متعجلة في أموري دائماً كم هو صعب ذلك الانتظار ! قضيت جزءاً كبيراً من عمري أتعجل ، ثم أنتظر . حتى اعتقدت أن عنواني قد كان الطريق ، ورقم بطاقتي رقم حافلة سفر . يقتلني الصبر على الانتظار ، بيد أنني كنت أعرف وجهتي . فقط اليوم نسيت أين أنا ذاهبة ؟ . لا بأس فالوجهة في تذكرتي . لابد الآن أن أستريح في ظل شجرة قرب الطريق . ستكون الشجرة لي رفيق مؤقت ريثما يحل موعد السفر . جلست تحت ظل نخلة . رأيت قطرة ماء تنزل على يدي . نظرت إليها – أعني النخلة – قالت : أنها تبكي .
سألتها : إذا كانت الأشجار تبكي ، فلماذا ؟
قالت : لدي روح تتعاطف مع الأرواح التائهة . تتخاطر معها في ساعات غفلتها . ثم تأويها إلى ظل جسدها وأغصانها . أحسست بألمك يا هذه . بكيت نيابة عنك لأنك لا تشعرين به بعد أن اعتدت عليه .
- هو قلق الانتظار فقط .
- لا . كانت روحي تسمعك وأنت تتحدثين عن الماضي ، وتصرخين به بلغة صامتة . تلومينه وتعتبرين أنه مسؤول عن حاضرك وعن قسوة انتظارك .
- نعم . نعم . أنا دائماً هكذا أيتها الشجرة . متعجلة . مجتهدة . أنتظر العدل . لكن يخطفه أحد ما مني في غفلة .
- اجلسي . سنتبادل أطراف الحديث .
- وأشيائي !
لا تلزمك . اتركيها للريح .
- هويتي . بطاقة سفري .
- انسيهما . ماذا تلزمك الهوية ، وأنت دائمة الرحيل ؟ يمكنك الانضمام إلى فريق غجر لا يحمل هوية ، ولا بطاقة سفر . قد تسعدك رفقتهم . .
- لا . لا . لن أتخلى عن أشيائي .
- حسناً إذن استريحي قرب جذعي ريثما ترحلين .
بدأت الشجرة تغط في نوم عميق . أنا أسمع أنفاسها . أشعر بالنعاس مثلها . لكنني أرى الحافلة تمر . يا إلهي ! أحدهم يأخذ أشيائي . الحافلة ترحل . أركض . أصرخ :قفي أيتها الحافلة . يعود الصدى .
أعود متكاسلة أجلس قربها . أسند رأسي إلى جذعها تتململ قليلاً ثم تبدأ بالنهوض فقد حل الصباح . لابد أن تستحم . ولا بد للطيور أن تبدأ روتينها اليومي هنا . في موطنها الشجرة ، وفضاء الأشجار الجميل . الحياة هنا تبدأ ودائماً في الصباح . مع أنني مازلت أنتظر أن تبدأ الحياة هناك .
قلت : فاتتني الرحلة . أريد أن أسميك اسماً آخر كي لا يسخر مني أحد عندما أقول: تحدثت إلى شجرة .
- ولماذا يسخرون ؟ ألستُ كائناً حياً مثلهم . لكن لا بأس . أنا لي اسم ، واسمي هو : تامار .
شكراً يا تامار على اهتمامك بي . آخر ما توقعته أن يأتي الاهتمام الذي انتظرته طويلاً من شجرة ! دائماً كانت نظرات الناس تراقبني . إن سألت يا تامار من هم هؤلاء الناس ؟ أقل لك . أهلي . جيراني . أحبتي . أبكوني كثيراً . ثم بكيت عليهم تركتهم ، وأنا أبكيهم . أحزن عليهم . فقد كانت هذه هي طريقتهم في الحب . أن يسجنوني داخل عالمهم . فررت منهم ، لكنهم ينتظرون أن يصيبني الضيم مرة أخرى ، لأعود وأقول لهم : كنتم على صواب . لا . بل أنتم دائماً لا تخطئون الحكم . مكانكم هو أفضل مكان في العالم . سعادتي معكم كنت أجهلها . أما أنا فقد اخترت الحرية ولن أتراجع . لكنني خائفة يا تامار . خوف يتخلله سلام لم أشعر به من قبل .
قالت : إن روحك ترغب أن تصعد إلى روحي لتعانقها . اتركيها تعلو . ودعي جسدك متكئاً علي . سنصبح صديقتان إلى الأبد .
نظرت إلى الأسفل . رأيت نخلة طفلة تلبس جسدي . تعانقت روحينا- أنا والنخلة - بينما تامار الصغيرة تنظر إلينا .
نادية خلوف.
الإمارات العربية
مواضيع مماثلة
» نافذتي الخلفية....الأديبة ناديا خلوف
» قصيدة بعنوان: لا تسألْ!!!! للشاعرة الأديبة ناديا خلوف
» السيدة الأديبة ناديا خلوف تكتب لكم. عيدا سعيداً....وأنت ياعزيزتي
» أهلا بالقادمة إلينا السيدة الأديبة المحامية ناديا خلوف...أهلا
» ســـــــــــــــــــــــــرُّ الوجود ِ..........ناديا خلوف
» قصيدة بعنوان: لا تسألْ!!!! للشاعرة الأديبة ناديا خلوف
» السيدة الأديبة ناديا خلوف تكتب لكم. عيدا سعيداً....وأنت ياعزيزتي
» أهلا بالقادمة إلينا السيدة الأديبة المحامية ناديا خلوف...أهلا
» ســـــــــــــــــــــــــرُّ الوجود ِ..........ناديا خلوف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى